أجمع جمهور علماء المسلمين على أنه يجوز للمسلمين إذا دخلوا دار الحرب الانتفاع بالمأكول والمشروب فيها، سواء كان الانتفاع لهم أو لدوابهم. (١)
ولا يشترط إذن الإمام في ذلك خلافاً للزهري. (٢)
ولكن يشترط في هذا الانتفاع أن يكون قبل أن يحوز الإمام المغانم من أجل القسم بدار الإسلام. (٣)
كما يشترط في هذا الانتفاع أن لا يكون خارج دار الحرب خلافاً للأوزاعي. (٤)
- وعلة هذا الجواز: أن عموم الحاجة يدعو إلى الانتفاع بذلك في حق الكل، وفي المنع منه مضرة بالمقاتلين وبدوابهم، فإنهم لو كلفوا حمل هذه المؤن من دار الإسلام إلى دار الحرب مدة ذهابهم وإيابهم ومقامهم فيها لوقعوا في حرج عظيم، بل قد يتعذر عليهم ذلك.
كما أنهم قد لا يجدون بدار الحرب ما يشترونه، ولو وجدوه لم يجدوا ثمنه، كما أنه لا يمكن قسمة ما يأخذه الواحد منهم، ولو قسم لم يحصل للواحد منهم شيء ينتفع به مما يدفع به حاجته.
فأباح الله جل وعلا لهم ذلك الانتفاع توسعة عليهم، ودفعاً للحرج والمشقة عنهم. (٥)
- ودليل هذا الجواز: أن عموم قول الله جل وعلا: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الأنفال:٤١ يوجب أن يكون الجميع غنيمة، خمسها لمن سمى الله، وأربعة أخماسها لمن شهد القتال من البالغين الذكور الأحرار.
فلا يحل لأحد منها شيء إلا سهمه الذي يقع له في المقاسم بعد إخراج الخمس المذكور، إلا أن الطعام خرج بدليل إخراج الرسول - صلى الله عليه وسلم - له عن جملة ذلك.
(١) الاستذكار لابن عبد البر (١٤/ ١٢٠).
(٢) التمهيد لابن عبد البر (٢/ ١٩).
(٣) شرح الزركشي (٦/ ٥٢٠).
(٤) الاستذكار لابن عبد البر (١٤/ ١٢١).
(٥) انظر: بدائع الصنائع (٦/ ١٠٠) - والمغني لابن قدامة (١٣/ ١٢٦).