قالوا: فدل ذلك على أن المسجد الذي نزلت فيه هذه الآية هو خلاف مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو مسجد قباء، لأن في الآية: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} وهم الأنصار دون من سواهم.
وكان من حجتنا على قائل ذلك القول: أن أولئك الرجال كانوا في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأن مسجده كان معموراً بالمهاجرين والأنصار ومن سواهم من صحبه، فلم يكن في هذا الحديث ما يدل على خلاف الأحاديث الأُوَل، وكان حديث إبراهيم عن عارم حديثاً منقطعاً لا يقاوم مثله الأحاديث المتصلة التي رويناها في صدر هذا الباب، فثبت بذلك أن المسجد الذي أسس على التقوى هو المسجد المذكور فيها، وهو مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي بمدينته، لا ما سواه من المساجد، والله نسأله التوفيق.
(شرح مشكل الآثار-١٢/ ١٦٦ - ١٧٧)
الدراسة
.. بين الإمام الطحاوي الخلاف الوارد في المراد: (بالمسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم) مرجحاً أن المراد به مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. لأن الأحاديث الدالة على ذلك صحيحة صريحة في ذلك.
وإليك بيان أقوال المفسرين في ذلك:-
القول الأول: أن المراد (بالمسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم) هو: مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.
- وهذا قول: جمهور المفسرين. (١)
- ومن أدلة هذا القول:-
١ - ما روي عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أنه قال: (اختلف رجلان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال أحدهما: هو مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقال آخر: هو مسجد قباء، فأتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألاه، فقال: هو مسجدي هذا). (٢)
(١) تفسير الرازي (١٦/ ١٩٥).
(٢) أخرجه ابن حبان في صحيحه (ح ١٦٠٥ - ٤/ ٤٨٢). والإمام أحمد في مسنده (٥/ ٣٣١).