٥٠ نص صريح في محل النزاع، ولأن الملائكة رسُل الله سبحانه كما أخبر عنهم {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا} فاطر: ١، ولا يجوز عليهم الكفر، وإبليس قد كفر.
والذي يظهر - والله تعالى أعلم - هو التفصيل في هذه المسألة: وأن القولين في الحقيقة قول واحد؛ فإن إبليس كان مع الملائكة بصورته وليس منهم بمادته وأصله. كان أصله من نار، وأصل الملائكة من نور. فالنافي كونه من الملائكة، والمثبت، لم يتواردا على محل واحد. (١)
قال ابن تيمية: (والتحقيق: أنه كان منهم باعتبار صورته وليس منهم باعتبار أصله.) (٢)، وذلك أن إبليس كان قد توسّم بأفعال الملائكة وتشبَّه بهم وتعبَّد وتنسَّك، فلهذا دخل في خطابهم وعصى بالمخالفة. (٣)
وقال ابن عثيمين: (فإذا قال قائل: إن ظاهر القرآن أن إبليس كان من الملائكة؟ فالجواب: لا، ليس ظاهر القرآن؛ لأنه قال: {إِلَّا إِبْلِيسَ} ثم ذكر أنه {كَانَ مِنَ الْجِنِّ}، نعم القرآن يدل على أن الأمر توجه إلى إبليس كما قد توجه إلى الملائكة، ولكن لماذا؟
قال العلماء إنه كان - أي: إبليس - يأتي إلى الملائكة ويجتمع إليهم فوجَّه الخطاب إلى هذا المجتمع من الملائكة الذين خُلقوا من النور ومن الشيطان الذي
(١) ينظر: محاسن التأويل (١/ ٢٩١)
(٢) مجموع الفتاوى (٤/ ٣٤٦)
(٣) ينظر: تفسير القرآن العظيم (٥/ ١٦٧)