الكافر حقيقة هو الذي علم الله أنه يتوفى على الكفر.
قوله {وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}، حيث (كان) فعل ماضٍ؛ والمضي يدل على شيء سابق؛ أي: كان في سابق علم الله كافراً.
استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على أن العبرة بالخواتيم، وأن الذي علم الله من حاله أنه يتوفى على الكفر هو الكافر حقاً؛ لأن الله تعالى أخبر عن إبليس أنه كان {مِنَ الْكَافِرِينَ} والمضي يدل على شيء سابق، أي كان في سابق علم الله تعالى أنه سيكفر كما عليه جمهور المفسرين (١) والمراد كفره في ذلك الوقت، وإن لم يكن قبله كافراً، وعطفُ (كان) على (واستكبر) يقويه؛ لأن الاستكبار عن السجود إنما حصل له وقت الأمر، فدلَّ على أن العبرة بالخواتيم وأنه وجبت له النار لسابق علم الله تعالى بشقاوته. (٢)
وللمفسرين في معنى {وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} قولان: أحدهما: أن (كان) بمعنى صار (٣)، كقوله تعالى: {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} هود: ٤٣، والثاني: أنها بمعنى الماضي، أي: كان في سابق علم الله كافراً. (٤)
(١) نسبه إلى الجمهور الواحدي، والبغوي، وابن عطية، والقرطبي، ينظر: الوسيط (١/ ١٢٠)، ومعالم التنزيل (١/ ١٠٤)، والمحرر الوجيز (١/ ١٢٦)، والجامع لأحكام القرآن (١/ ٢٩٧).
(٢) ينظر: البحر المحيط لأبي حيان (٩/ ١٧٤)
(٣) وهو قول قتادة. ينظر: زاد المسير لابن الجوزي (١/ ٥٤)، والنكت والعيون للماوردي (١/ ١٠٣)
(٤) وهو قول مقاتل وابن الأنباري، ينظر: زاد المسير (١/ ٥٤)، والنكت والعيون (١/ ١٠٣)، وبعضهم قال بظاهر الآية كان كافراً في الأصل، وهذا قول أهل الجبر. ولا يخفى بطلانه. ينظر: تفسير القرآن للسمرقندي (١/ ٤٣)