قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} البقرة: ١٥٩
قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (هذه الآية توجب إظهار علوم الدين منصوصة ومستنبطة، وتدل على امتناع أخذ الأجرة على ذلك). (١)
هذه الآية فيها دلالتان، الأولى:
وجوب إظهار علوم الدين. (٢)
وجه الاستنباط:
ترتيب اللعن على كتمان البينات والهدى.
الدراسة:
استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على وجوب إظهار علوم الدين وتبيينها للناس، لأن الله تعالى أخبر أن الذي يكتم ما أنزل سبحانه من البينات والهدى ملعون، فدلَّ على عظم كتم العلم، وأنه من كبائر الذنوب؛ ومنه يلزم وجوب إظهار العلم وتبيينه وتحريم كتمانه.
قال الرازي: (هذه الآية تدل على أن ما يتصل بالدين ويحتاج إليه المكلف لا يجوز أن يُكتم، ومن كتمه فقد عظمت خطيئته، ونظيره هذه الآية قوله تعالى: {
(١) السراج المنير (١/ ١٢٠)
(٢) وهو استنباط أصولي، واستنبط بعض العلماء من الآية دلالتها على وجوب قبول خبر الواحد لأنه لا يجب عليه البيان إلا وقد وجب قبول قوله. ولأنه تعالى قال بعدها: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} فحَكَم بوقوع البيان بخبرهم. ينظر: روح المعاني (١/ ٤٢٦)، والإكليل للسيوطي (١/ ٣٥).