تفضيل أبي بكر رضي الله عنه.
قال الله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} التوبة: ٤٠.
ذكر الخطيب الشربيني - رحمه الله - عند هذه الآية تنبيهاً فقال:
(دلَّت هذه الآية على تفضيل أبي بكر رضي الله عنه من وجوه:
منها: أنّ الهجرة كانت بإذن الله تعالى، وكان في خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة
من المخلصين، وكانوا في النسبة إلى شجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرب من أبي بكر
رضي الله عنه، فلولا أنّ الله تعالى أمره بأن يستصحبه في تلك الواقعة الصعبة الهائلة وإلا لكان الظاهر أن لا يخصه بهذه الصحبة، وتخصيص الله تعالى له بهذا التشريف دال على منصب عال له في الدين.
ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم «لا تحزن إنّ الله معنا» ولا شك أنّ المراد من هذه المعية، المعية بالحفظ والنصرة والحراسة والمعونة، وقد شرَّك صلى الله عليه وسلم بين نفسه وبين أبي بكر في هذه المعية وكفى بها شرفاً.
ومنها: أن قوله: (لا تحزن) نهى عن الحزن مطلقاً، والنهي يوجب الدوام والتكرار، وذلك يقتضي أنه لا يحزن أبو بكر رضي الله عنه بعد ذلك البتة، قبل الموت وعند الموت وبعد الموت.