فالعقيدة وصحة الأعمال كلها مدارها على النية، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» (١) وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله .. الحديث». (٢)

قال السمرقندي: (في الآية دليل أن الثواب يستوجب على قدر النية ويجري به (٣)؛ لأنه قال عز وجل {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} يعني: يحصل له من الثواب بقدر ما كان في قلبه من النية). (٤)

ونصَّ على هذه الدلالة كذلك ابن عطية، وغيره. (٥)

والذي عليه أهل العلم في المحاسبة على النية، أن المسألة فيها تفصيل، فمن هَمَّ بالخير والحسنة، وعقد قلبه وعزمه على ذلك، كُتب له ما نواه، ولو لم يعمله، ومن هَمَّ بسيئة، ثم تركها لله، كتبت له حسنة كاملة، كما في الصحيح. (٦)

أما من همَّ بها، ثم انفسخ عزمه، بعد ما نواها، فإن كانت مجرد خاطر بقلبه، لم يؤاخذ به، وإن كانت عملاً من أعمال القلوب، التي لا مدخل للجوارح بها، فإنه يؤاخذ بها، وإذا كانت من أعمال الجوارح، فأصرَّ عليها، وعزم النية على مواقعتها، فأكثر أهل العلم على أنه مؤاخذ بها. (٧)

(١) تقدم تخريجه وهو في صحيح البخاري.
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه برقم (٥٢)، (١/ ٢٠)
(٣) لعل الصحيح ويجزي به؛ ليستقيم المعنى.
(٤) تفسير القرآن للسمرقندي (٣/ ٦١٠)
(٥) ينظر: المحرر الوجيز (٥/ ٥١٥)
(٦) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق باب من همَّ بحسنة أو بسيئة، برقم (٦٤٩١)، (٨/ ١٠٣)
(٧) ينظر: شرح النووي على مسلم (٢/ ١٥١)، وجامع العلوم والحكم لابن رجب (٢/ ٣٤٣ وما بعدها)، وفتح الباري لابن حجر (١١/ ٣٢٧)