المبحث الثالث:
الاستنباط بدلالة الالتزام.
دلالة الالتزام هي: دلالة اللفظ على معنى ليس مقصوداً باللفظ في الأصل، ولكنه لازم للمقصود، فكأنَّه مقصود بالتبع لا بالأصل. (١)
فهذه الدلالة تدل على المعنى المقصود من جهة اللزوم العقلي، إذ لابد من تلازم عقلي بين المعنى المُستنبَط وبين النّص، فإذا لم يوجد هذا التلازم فلا يصح كون المعنى مستنبَطاً بهذه الدلالة (٢).
ودلالة الإشارة، والتنبيه، والإيماء، كلها داخلة في دلالة الالتزام، وهي الدلالة الأغلب في الاستنباط عند الخطيب.
ومن أمثلة دلالة الالتزام:
- عند قوله تعالى: {وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} هود ٦٠
قال الخطيب - رحمه الله -: (قوله تعالى: {قَوْمِ هُودٍ} عطف بيان لعاد، وفائدته تمييزهم من عاد الثانية عاد إرم، والإيماء إلى استحقاقهم للبعد بما جرى بينهم وبين هود). (٣)
- وعند قوله تعالى: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} يوسف: ٧٦
(١) ينظر: الإحكام للآمدي (٣/ ٧١)، وإرشاد الفحول للشوكاني ص، ٤٠٣، ومذكرة في أصول الفقه للشنقيطي ص ٣٨٠.
(٢) كما هو الحال في كثير من استنباطات الصوفية أو ما يسمى بالتفسير الإشاري. ينظر: منهج الاستنباط من القرآن ص ٢٩٩
(٣) السراج المنير (٢/ ٧٣)