ثم ذكر السمين بعض ما قيل في تضعيف هذه القراءة، ونقل قول ابن عطية -السابق ذكره- بنصه، ثم قال: "وهذه الأقوال التي ذكرتُها جميعاً لا ينبغي أن يُلْتفت إليها لأنها طَعْنٌ في المتواتر، وإن كانت صادرةً على أئمةٍ أكابرَ، وأيضاً فقد انتصر لها مَنْ يقابلهم، وأورد من لسانِ العرب نظمِه ونثره ما يشهد لصحة هذه القراءة لغةً" (١).
ثم نقل بعض الأقوال في الدفاع عن القراءات المتواترة عموماً وهذه القراءة على وجه الخصوص.
وقال بعد ذلك: "وقد سُمِعَ ممَّنْ يُوثق بعربيته: "تَرْكُ يوماً نفسِك وهواها سَعْيٌ في رَداها" أي: تَرْكُ نفسِك يوماً مع هواها سَعْيٌ في هَلاكها، وأمَّا ما ورد في النظم من الفصل بين المتضايفين بالظرف وحرف الجر وبالمفعول فكثير، وبغير ذلك قليلٌ" (٢).
وساق عددًا من الأمثلة من كلام العرب شعرًا ونثرًا مما فيه فصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف وبالمفعول وبغيرهما؛ ليثبت صحة قراءة ابن عامر لغوياً (٣)، وأطال في ذلك وأجاد.
إلى أن قال: "وإذ قد عرفت هذا فاعلم أن قراءة ابن عامر صحيحة من حيث اللغة كما هي صحيحة من حيث النقل" (٤).
وختم السمينُ حديثه عن قراءة ابن عامر بنقل قول أبي شامة (٥) في دفاعه عن هذه القراءة (٦)، حيث قال أبو شامة ما ملخصه: أن {شُرَكَاؤُهُمْ} رُسمت في مصاحف أهل
(١) الدر المصون (٥: ١٦٦).
(٢) المصدر السابق (٥: ١٦٨).
(٣) ينظر: المصدر السابق (٥: ١٦٩ - ١٧٥).
(٤) المصدر السابق (٥: ١٧٥).
(٥) عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي ثم الدمشقي، الشافعي، شهاب الدين، أبو القاسم، المعروف بأبي شامة؛ لشامة كانت فوق حاجبه الأيسر، الشيخُ، الإمام، العلاّمة، الحجة، المؤرخ، والحافظ ذو الفنون، من كبار علماء القراءات والحديث والفقه واللغة، من مصنفاته: إبراز المعاني من حرز الأماني، وتاريخ دمشق، توفي سنة ٦٦٥ هـ. ينظر: غاية النهاية، لابن الجزري (١: ٣٦٥)، بغية الوعاة، للسيوطي (٢: ٧٧).
(٦) ينظر: الدر المصون (٥: ١٧٦).