والفصل بين المصدر المضاف والمضاف إليه بالمفعول جائز؛ لكونه في غير محله، فهو في نية التأخير، ولا يجوز بالفاعل؛ لكونه في محله (١).
وقد حسّن ابن مالك (٢) الفصل الواقع في قراءة ابن عامر لأمور:
أَحَدُهَا: كَوْنُ الفاصل فَضْلَةً فإنه لذلك صَالِحٌ لعدم الاعتداد به.
الثَّانِي: أنه غيرُ أجنبيّ معنًى؛ لتعلقه بالمضاف وهو المصدر.
الثَّالِثُ: أَنَّ الفاصلَ مقدَّرُ التأخيرِ؛ لأن المضاف إليه مُقَدَّر التقديم؛ لأنه فاعل في المعنى، حتى إن العرب لو لم تستعمل مثل هذا الفصل لاقتضى القياس استعماله؛ لأنهم قد فصلوا في الشعر بالأجنبي كثيرًا؛ فاستحق بغير أجنبي أن يكون له مَزِيَّةٌ، فيُحكَمُ بجوازه مطلقاً (٣).
وبيّن ابن هشام - وهو بصري- المسائل التي يجوز الفصل فيها في النثر، فذكر أن إحداها: أن يكون المضاف مصدرًا والمضاف إليه فاعله، والفاصل إما مفعوله؛ كقراءة ابن عامر، وإما ظرفه؛ كقول بعضهم: "تَرْكُ يومًا نَفسِك وهَواها".
والثانية: أن يكون المضاف وصفاً، والمضاف إليه مفعوله الأول، والفاصل مفعوله الثاني؛ كقراءة بعضهم: {فلا تحسبن الله مخلف وعدَه رسلِه} إبراهيم: ٤٧.
(١) ينظر: شرح جمل الزجاجي، لابن خروف الإشبيلي (ص: ٦٢٤).
(٢) محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجيّاني الشافعي، جمال الدين، أبو عبدالله، العلاّمة، النحوي، إمام زمانه في العربية، وكان عالماً بالقراءات وعللها، وبرز في النَّحْو والتصريف فكان فيهمَا بحراً لا يجارى، من مصنفاته: (الألفية) في النحو، و (الكافية الشافية) وشرحها، توفي سنة ٦٧٢ هـ. ينظر: غاية النهاية، لابن الجزري (٢: ١٨٠)، بغية الوعاة، للسيوطي (١: ١٣٠).
(٣) ينظر: شرح التسهيل (٣: ٢٧٧).