وقال السمينُ الحلبي: "قوله: {إِلَّا قَلِيلًا} منصوبٌ على الاستثناء، وفي المستثنى منه أربعةُ أقوالٍ، أظهرُها: أنه لفظ {خَائِنَةٍ}، وهمُ الأشخاصُ المذكورون في الجملة قبله، أي: لا تزالُ تَطَّلع على مَنْ يَخون منهم إلا القليلَ، فإنه لا يخون فلا تَطَّلِعُ عليه.
والثاني: ذكره ابن عطية أنه الفعل، أي: لا تزال تطَّلع على فِعْل الخيانة إلا فعلاً قليلاً، وهذا واضح إنْ أُريد بالخيانة أنها صفة للفعلة المقدرة كما تقدَّم، ولكن يُبْعِدُ ما قاله ابنُ عطية قولُه بعدَه {مِنْهُمْ}.
الثالث: أنه {قُلُوبَهُمْ} في قوله: {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً}، قال صاحبُ هذا القول: والمرادُ بهم المؤمنون، لأن القسوة زالَتْ عن قلوبهم.
وهذا فيه بُعْدٌ كبير، لقوله: {لعنَّاهم}.
الرابع: أنه الضمير في {مِنْهُمْ} مِن قوله -تعالى-: {عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ} قاله مكيّ (١) ". ... اهـ (٢)
دراسة الاستدراك
تحدث المفسرون والمعربون عن الاستثناء في قوله: {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ}، وفي هذه المسألة خمسة أقوال:
١ - أنَّ الاستثناء في الأشخاص، والمعنى: إلاّ قليلاً منهم لم يخونوا ولم ينقضوا العهد، وهم مَن أسلم منهم، ويُحتمل أن يكون هذا القليل من الذين بقوا على كفرهم لكنهم لم يخونوا.
(١) ينظر: مشكل إعراب القرآن (١: ٢٢١).
(٢) الدر المصون (٤: ٢٢٥).