فمذهب جمهور البصريين في المثلين من كلمتين: جواز الإدغام في المثلين من كلمتين بشرطين: أن لا يكونا همزتين، وأن لا يكون الحرف الذي قبلهما ساكناً غير ليّن نحو {شهر رمضان}، فإن هذا لا يجوز إدغامه عند جمهور البصريين.
فما قبل الراء هنا (الهاء) حرف صحيح ساكن، والمدغم ساكن؛ والجمع بين ساكنين في الوصل ليس أولهما حرف علة لا يجوز عندهم (١).
المسألة الثالثة: دفاع السمين الحلبي عن القراءة:
دافع السمين الحلبي عن قراءة أبي عمرو ورد على ابن عطية قائلاً: "وقوله "وذلك لا تقتضيه الأصولُ" غيرُ مقبولٍ منه؛ فإنَّه إذا صَحَّ النقلُ لا يُعارَضُ بالقياس" اهـ (٢).
فالسمين الحلبي قد التزم المنهج الأثري في دفاعه عن القراءات الصحيحة ورده على مَن انتقدها، فمتى صحّت القراءة فلا التفات إلى مَن ينتقدها لكونها تخالف قياسه النحوي.
وما ذكره السمين قاعدة في القراءات الصحيحة؛ فإذا ثبتت القراءة وصحّ نقلها وجبَ إتباعها؛ لأنها سنة متبعة لابد من التزامها والمصير إليها ولو خالفت الأقيسة اللغوية والقواعد النحوية.
قال أبو حيان في دفاعه عن هذه القراءة: "ولم تقتصر لغة العرب على ما نقله أكثر البصريين، ولا على ما اختاروه، بل إذا صحَّ النقلُ وجبَ المصيرُ إليه". اهـ (٣)
(١) ينظر: كتاب سيبويه (٤: ٤٣٧)، المقتضب، للمبرد (١: ٢٠٦)، المحتسب، لابن جني (١: ٩٨)، الصحاح، للجوهري (٥: ١٩٣٨)، شرح الأشمونى لألفية ابن مالك (٤: ١٥٥).
(٢) الدر المصون (٢: ٢٧٨).
(٣) تفسير أبي حيان (٢: ١٩٥).