يريد: ورب داهية عظيمة من دواهي المنون والتلف، يحسبها الناس لا فالها. يريد أن الناس لا يتوجهون لمعرفتها والعلم بدفعها، ولا يصح لهم كيف يصنعون فيها، فهي بمنزلة الحي الذي لا ينطق، فلا يعرف ما يريد، فلا يتوجه لدفعه والتلطف في صرفه.
وقوله (لا فالها) في موضع المفعول الثاني لـ (يحسبها) و (من دواهي المنون) نعت لـ (داهية). ولقائل أن يقول: أن الضمير المتصل بـ (يحسبها) هو المفعول الأول؛ وقوله: (من دواهي المنون) في موضع الثاني و (لا فالها) وصف لـ (داهية). والقول الأول أعجب إلي. و (فا) منصوب بـ (لا) كما ينتصب النكرة في النفي و (لها) خبر (لا).
واضطر إلى أن استعمل (فا) في غير الاضافة، وهو بمنزلة قول العجاج:
خالطَ من سَلمَى خياشمَ وفا
ويجوز أن يكون الخبر محذوفا، ويكون (فا) مضافا إلى ضمير الداهية، وتكون اللام مقحمة، ويكون مثل قولهم: لا أبا لك. والخبر محذوف تقديره (لا فالها) أو (فيما يعلمه الناس) أو ما أشبه ذلك.
والسنا: ضوء البرق. يريد إنه دفع شرها والتهاب نارها حين أقبلت، وكان هو حمال ثقلها.
النصب على المصدر بإضمار فعل
قال سيبويه في المنصوبات، قال المغيرة بن حبناء:
بَلَوْها فَضْلَ مالكَ يا بْنَ لَيْلَى ... فلم تَكُ عندَ عَثْرتِنا أخانا
كأَنّ رِحالنا في الدارِ حُلَّتْ ... إلى غُفْر اللهازِم مِن عُمانا