ياءاتها ضماتها؛ ألا تراها لا تجتمع معها فلما عاقبتها جرت لذلك مجراها فكما أنك لا تعوض من الشيء وهو موجود, فكذلك أيضًا يجب ألا تعوض منه وهناك ما يعاقبه ويجري مجراه. غير أن الغرض في هذا الكتاب إنما هو الإلزام الأول؛ لأن به ما١ يصح تصور العلة, وأنها غير متعدية.
ومن ذلك قول الفراء في نحو لغة, وثُبة, ورئة, ومئة: إن كان من ذلك المحذوف منه الواو فإنه يأتي مضموم الأول نحو لغة وبرة, وثبة, وكرة, وقلة؛ وما كان من الياء فإنه يأتي مكسور الأول؛ نحو مئة, ورئة. وهذا يفسده قولهم: سنة فيمن قال: سنوات٢ وهي من الواو كما ترى وليست مضمومة الأول. وكذلك قولهم: عِضة محذوفها الواو لقولهم فيها: عضوات, قال:
هذا طريق يأزم المآزما ... وعضوات تقطع اللهازما٣
وقالوا أيضًا: ضَعَة, وهي من الواو مفتوحة الأول, ألا تراه قال ٤:
متخذًا من ضَعَوات تَوْلَجا
فهذا وجه فساد العلل إذا كانت واقفة٥ غير متعدية. وهو كثير, فطالب فيه بواجبه, وتأمل ما يرد عليك من أمثاله.
١ ما هنا زائدة أو مصدرية.
٢ أي لا فيمن قال في الجمع سنهات. وانظر الكامل ٦/ ٢٠٢.
٣ يروى تمشق بدل "تقطع" وتمشق: تضرب. والمآزم جمع المأزم، وهو المضيق بين جبلين، يريد أن المضايق بالنسبة إلى ضيقه لا تذكر. وانظر الكامل بشرح الموصفي ٦/ ٢٠٦ وهذا البيت رواه الأصمعي عن أبي مهدية. وانظر اللسان في "أزم"، وسيبويه ص٨١ ج٢.
٤ أي جرير يهجو البعيث. وقبله:
كأنه ذيخ إذا تنفجا
والذيخ -بزنة ديك: الذكر من الضباع وتنفج: وثب وعدا. وفي اللسان "ولج": "ما معجا" والمعج: سرعة المر والتولج: كناس الظبي والوحش. والضعة: شجر بالبادية مثل التمام. وانظر اللسان في "ضعو" و"ولج" و"تلج"، والديوان ١/ ٣٤.
٥ كذا في أ، ب. وفي ش: "واقعة". وما أثبت هو الصواب. يريد بالموافقة غير الجارية، وهي القاصرة.