هذا باب القول على الفصل بين الكلام والقول
"ولنقدم أمام القول على فرق١ بينهما طرفًا من ذكر أحوال تصاريفهما واشتقاقهما مع تقلب حروفهما فإن هذا وضع يتجاوز قدر الاشتقاق ويعلوه إلى ما فوقه. وستراه فتجده طريقًا غريبًا ومسلكًا من هذه اللغة الشريفة عجيبًا "٢.
فأقول: إن معنى " ق ول " أين وجدت وكيف وقعت٣، من تقدم بعض حروفها على بعض وتأخره عنه, إنما هو للخفوف والحركة ٤, وجهات تراكيبها الست مستعملة كلها لم يهمل شيء منها , وهي: " ق ول", "ق ل و ", " وق ل " , "ول ق " , " ل ق و ", "ل وق ".
الأصل الأول "ق ول " وهو القول. وذلك أن الفم واللسان يخفان له ويقلقان ويمذلان به٥. وهو بضد السكوت الذي هو داعية إلى السكون ألا ترى أن الابتداء لما كان أخذًا في القول لم يكن الحرف المبدوء به إلا متحركًا ولما كان الانتهاء أخذًا في السكوت لم يكن الحرف الموقوف عليه إلا ساكنًا.
الأصل الثاني "ق ل و " منه القلو: حمار الوحش وذلك لخفته وإسراعه قال العجاج:
١ في ش: "الفرق" وهنا تقرأ بإضافة فرق إلى "بينهما" والبين هنا الوصل والاجتماع، وهو اسم متمكن وقرئ لقد "تقطع بينكم" بالرفع.
٢ سقط ما بين القوسين في ج.
٣ في ج: "تصرفت".
٤ كذا في النسخ. والأنسب بالسياق: "الخفوف". وهو معرفة قولهم: خف القوم إذا ارتحلوا مسرعين.
٥ من قولهم: مذل المريض من باب فرح إذا لم يتقاتر من الضجر، ويقال أيضًا: مذل: فتن.