الرخو الضعيف, والرخودّ المتثنيّ والتثني عائد إلى معنى الضعف, فلما كانا١ كذلك أوقعا الشك لمن ضعف٢ نظره، وقلَّ٣ من هذا الأمر ذات يده.
ومن ذلك قولهم: رجل ضيَّاط٣، وضيطار٣. فقد ترى تشابه الحروف, والمعنى مع ذلك واحد, فهو أشد لإلباسه. وإنما "ضياط" من تركيب "ض ي ط ", وضيطار من تركيب "ض ط ر ". ومنه "قول جرير "٤:
تعدّون عَقْر النيب أفضل مجدكم ... بني ضوطرى! لولا الكميّ المقنعا٥
فضيّاط يحتمل مثاله ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون فعَّالًا كخياط وربّاط, والآخر أن يكون فيعالًا كخيتام٦ وغيداق٧، والثالث أن يكون فوعالًا كتوراب. فإن قلت: إن فوعالًا لم يأت صفة, قيل: اللفظ يحتمله وإن كانت اللغة تمنعه. ومن ذلك لوقة٨ وألوقة٨، وصوص٩ وأصوص٩، وينجوج١٠ وألنجوج١٠ ويلنجوج١٠ وضيف وضيفن في قول١١ أبي زيد. ومن ذلك حية وحواء, فليس حواء من لفظ حيّة كعطَّار من
١ كذا في أ. وفي ش، ب: "كان".
٢ كذا في أ. وفي ش، ب: "تضعف" وهو محرف عن يضعف. وفيهما: "وتقل".
٣ الضيّاط: العظيم الجنبين، والضيطار يقال لهذا، وللثيم.
٤ كذا في ش، ب. وفي أ "قوله".
٥ يقال للقوم إذ كانوا لا يغنون غناء: بنو ضوطري. وجريز يهجو بهذا الفرزدق بقومه، وكان غالب أبو الفرزدق باري سحيم بن وثيل الرايحي في عقر النوق تكرمًا في قصة معروفة, وانظر اللسان في ضطر, والنقائض ٨٢٣، وهو البيت ٥٨ من قصيدته التي أولها:
أقمنا وربتنا الديار ولا أرى ... كمربعنا بين الحنيين مربعا
٦ هو لغة في الخاتم.
٧ من معانيه الكريم، ويقال: شباب غيداق: ناعم.
٨ اللوقة والألوفة: طعام طيب يكون من الزيد والرطب.
٩ الصوص: البخيل. والأصوص: الناقة الكريمة الموثقة الخلق. وتقول العرب: ناقة أصوص عليها صوص. وإذ كان معنياهما مختلفين كما رأيت لا يكونان من هذا الباب.
١٠ هو عود طيب الريح يتبخّر به.
١١ أي أن يكون ضيفن من ضفن، يقال: ضفن إلى القوم إذا جاء إليهم حتى يجلس معهم، رخص هذا بأبي زيد؛ لأن أيا عبيد وغيره يرون أن الضيفن من مادة الضيف والنون زائدة، وعلى هذا لا يكون الضيف والضيفن متداخلين. وانظر اللسان في ضيف رضيفن.