ومن ذلك أن تقع فاء "افتعل" زايا أو دالًا أو ذالًا, فتقلب تاؤه١ لها دالًا؛ كقولهم: ازدان وادَّعى "وادكر واذدكر"٢ فيما حكاه أبو٣ عمرو.
فأما ادَّعى فحديثه حديث اطَّرد لا غير في أنه لم تقلب قصدًا للإدغام, لكن قلبت٤ تاء ادعى دالًا كقلبها في ازدان, ثم وافقت فاؤه الدال المبدلة من التاء فلم يكن من الإدغام بد.
وأما اذدكر "فمنزلة بين"٥ ازدان وادَّعى. وذلك أنه لما قلب التاء دالًا "لوقوع الذال"٦ قبلها صار إلى اذدكر, فقد كان هذا وجهًا يقال مثله, مع أن أبا عمرو قد أثبته وذكره, غير أنه أجريت الذال لقربها من الدال بالجهر مجرى الدال فأوثر الإدغام لتضامّ الحرفين في الجهر فأدغم, فهذه منزلة بين منزلتي٧ ازدان وادّعى. وأما اذَّكر٨ فكاسّمع واصّبر.
ومن ذلك أن تقع السين قبل الحرف المستعلي فتقرّب٩ منه بقلبها صادًا على ما هو مبين في موضعه من باب الإدغام, وذلك كقولهم في سُقْت: صُقْت, وفي السوق: الصوق, وفي سبقت: صبقت،
١ كذا في ش، ب، ج. وفي أ: "فاؤه"، وهو تصحيف.
٢ في أ: "اذدكر". وفي ب: "ذدكر". وهي اذدكر. وفي ش: "ادّكر". وفي ج: "اذكره". وقد رأيت أن المقام يدعو إلى اذدكر وادكر؛ فإن فيهما قلب تاء الافتعال دالًا. وقد جعلت "اذدكر"، وبإزاء ما حكاه أبو عمرو فإنه هو الذي أثبتها" وسيبويه يمنعها، واذَّكر بقولها الجميع. وانظر شرح الرضي للشافية في مبحث الإدغام، وابن يعيش ١٠/ ١٥٠.
٣ كذا في ش، ب. وفي أ، ج: "عمر" والصواب ما أثبت.
٤ كذا أثبتها. وفي الأصول: "فاء".
٥ كذا في أ، ج. وفي ش، ب: "فبمنزلة". والوجه ما أثبت كما يتبين مما يجيء.
٦ كذا في ش، ب وسقط هذا في أ.
٧ كذا في أ. وفي ش، ب: "منزلتين".
٨ كذا أثبته. وفي الأصول: ادكر, والوجه ما أثبت, يريد أن اذَّكر فيها إبدال تاه الافتعال من جنس الفاء كما في اسَّمع وأصله استمع، واصَّبر وأصله اصطبر.
٩ كذا في أ. وفي ش، ب: "فيقرب".