فقال:
ثكل وغدر أنت بينهما ... فاختر وما فيهما حظّ لمختار
وقول الآخر:
رأى الأمر يفضى إلى آخر ... فصيّر آخره أوَّلا
ووجدت أنا من هذا الضرب أشياء صالحة.
منها: أن الشعر المجزوء إذا لحق ضربه قطع لم تتداركه العرب بالردف, وذلك أنه لا يبلغ من قدره١ أن يفي بما حذفه الجزء, فيكون هذا أيضًا "كقولهم للمغني غير المحسن: تتعب ولا أطرب"٢. ومنهم من يلحق الردف على كل حال, فنطير معنى هذا معنى قول الآخر ٣:
ومبلغ نفسٍ عذرها مثل منجح٤
وقول الآخر:
فإن لم تنل مطلبًا رمته ... فليس عليك سوى الاجتهاد
ومن ذلك قول من اختار إعمال الفعل الثاني؛ لأنه العامل الأقرب نحو: ضربت وضربني زيد, وضربني وضربت زيدًا. فنظير معنى هذا معنى قول الهذلي ٥:
بلى إنها تعفو الكلوم وإنما ... نوكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي
وعليه قول أبي نواس:
أمر غدٍ أنت منه في لبس ... وأمس قد فات فاله عن أمس
فإنما العيش عيش يومك ذا ... فباكر الشمس بابنة الشمس
١ كذا في ش، ب، ج. وفي أ: "هذه" وهو خطأ.
٢ ما بين القوسين في ش، ب، ج، وسقط في أ.
٣ هو عروة بن الورد. والشعر في الحماسة.
٤ هذا عجز بيت صدره:
ليبلغ عذرًا أو يصيب رغيبة
وقبله:
ومن يك مثلي ذا عيال ومقترًا ... من المال يطرح نفسه كل مطرح
٥ هو أبو خراش. وانظر الأمالي ١/ ٢٧١، واللآلي ٦٠١.
٦ كذا في أ. وفي سائر الأصول: "وإنما".