ومن ذلك كاف المخاطب للمذكر والمؤنث -نحو: رأيتك وكلمتك- هي تفيد شيئين: الاسمية والخطاب, ثم قد خلع١ عنها دلالة الاسم في قولهم ٢: ذلك وأولئك وهاك وهاءك وأبصرك زيدًا, وأنت تريد: أبصر زيدًا, وليسك أخاك, في معنى ليس أخاك.
وكذلك قولهم: أرأيتك زيدًا ما صنع؟ وحكى أبو زيد: بلاك والله, وكلاك والله, أي: بلي وكلا. فالكاف في جميع ذلك حرف خطاب مخلوعة عنه دلالة الاسمية, وعليه قول٣ سيبويه. ومن زعم أن الكاف في "ذلك" اسم انبغى له أن يقول: ذلك نفسك. وهذا كله مشروح في أماكنه. فلا موضع إذًا لهذه الكاف من الإعراب, وكذلك هي إذا وصلت بالميم والألف والواو نحو: ذلكما وذلكمو. فعلى هذا يكون قول الله سبحانه: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} ٤. " كُمَا" من "أنهكما" منصوبة الموضع و"كما" من "تلكما" لا موضع لها؛ لأنها حرف خطاب٥.
فإن قيل: فإذا كانت حرفًا لا اسمًا, فكيف جاز أن تكون الألف المنفصلة التي قبلها تأسيسًا٦ في نحو قوله٧:
١ كذا في أ. وفي ب، ش: "تخلع" وفي ش: "ثم يخلع".
٢ في ش، ب: "قولك".
٣ انظر الكتاب ٢/ ٣٠٤.
٤ آية: ٢٢، سورة الأعراف.
٥ في ش، ب: "للخطاب".
٦ التأسيس: ألف بينه وبين الروي حرف، وهو مما يلتزم. ومن شرطه أن يكون في كلمة الروي، ولا يكون في غيرها إلّا إذا كان الروي ضميرًا. ومن هنا جاء هذا البحث. فإن الألف في "ذلك" جعلت تأسيسًا في الشعرين المسوقين بدليل التزامها، وهي من كلمة الرويّ، والروي كان (ذلك) , وهذا يقضي بأن تكون الكاف فيها ضميرًا.
٧ أي: طرفة، وانظر الديوان ٤٤، والأصمعيات ٥٥.