ومن ذلك واو العطف؛ فيها معنيان: العطف ومعنى الجمع. فإذا وضعت موضع "مع" خلصت للاجتماع, وخلعت عنها دلالة العطف, نحو قولهم: استوى الماء والخشبة, وجاء البرد والطيالسة.
ومن ذلك فاء العطف فيها معنيان: العطف والإتباع. فإذا استعملت في جواب الشرط خلعت عنها دلالة العطف وخلصت للإتباع, وذلك قولك: إن تقم فأنا أقوم, ونحو ذلك.
ومن ذلك همزة الخطاب في "هاء يا رجل"، و"هاء يا امرأة" كقولك: "هاكَ" و"هاكِ", فإذا ألحقتها الكاف جردتها من الخطاب؛ لأنه يصير بعدها في الكاف, وتفتح هي أبدًا. وهو قولك: هاءكَ وهاءَكِ وهاءكما وهاءكم.
ومن ذلك "يا" في النداء؛ تكون تنبيهًا ونداء في نحو: يا زيد, ويا عبد الله. وقد تجردها من النداء للتنبيه البتة, نحو قول الله تعالى: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ} "كأنه قال: ألا ها اسجدوا"١.
وكذلك قول العجاج:
يا دار سلمة يا اسلمي ثم اسلمي٢
إنما هو كقولك: ها اسلمي. وهو كقولهم: "هَلُمَّ" في التنبيه على الأمر.
وأما٣ قول أبي العباس: إنه أراد: ألا يا هؤلاء اسجدوا, فمردود٤ عندنا. وقد كرر٤ ذلك أبو علي في غير موضع فغنينا عن إعادته٥.
١ سقط ما بين القوسين في أ.
٢ هذا مطلع أرجوزة له في الديوان ٥٨. وقوله: "يا دار سلمى" كذا في ش. وفي أ، ب، ش: "يا دارميّ".
٣ في أ، ب، ش: "مردود". ووجه رده أن في حذف المنادى مع حذف الفعل الذي ناب عنه حرف النداء وحذف فاعله إحجافًا. وقد بسط الكلام على هذا أبو حيان في البحر ٧/ ٦٩.
٤ في ش: "ذكر".
٥ إلى هنا تنتهي نسخة ب.