الأضياف هنا بلفظ القلة ومعناها أيضًا, وليس كقوله ١:
في أن المراد به٢ معنى الكثرة, وذلك أمدح؛ لأنه إذا قرى الأضياف وهم قليل بمراجل الحي أجمع, فما ظنك به٣ لو نزل به الضيفان الكثيرون!
فإن قيل: فلم أنَّث المصدر أصلًا؟ وما الذي سوَّغ التأنيث فيه مع معنى العموم والجنس وكلاهما إلى التذكير, حتى احتجت إلى الاعتذار له بقولك ٤: إنه أصل, وإن الأصول تحمل ما لا تحمله الفروع.
قيل: علة جواز تأنيث المصدر مع ما ذكرته من وجوب تذكيره أن المصادر أجناس للمعاني "كما غيرها"٥ أجناس للأعيان, نحو: رجل وفرس وغلام ودار وبستان. فكما٦ أن أسماء أجناس الأعيان قد تأتي مؤنثة الألفاظ, ولا حقيقة تأنيث في معناها نحو: غرفة، ومشرقة٧، وعلية ومروحة، ومِقْرَمَة٨؛ وكذلك جاءت أيضًا أجناس المعاني مؤنثًا بعضها لفظًا لا معنى, وذلك نحو: المحمدة والموجدة والرشاقة، والجباسة٩، والضئولة، والجهومة.
١ أي: حسان بن ثابت -رضي الله عنه. وصدره:
لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى
وانظر الخزانة ٣/ ٤٣٠، وسيبويه ٢/ ١٨١.
٢ كذا في أ. وفي غيرها: "بها".
٣ سقط في ش.
٤ كذا في د، هـ، والأشباه. وفي أ: "وذلك".
٥ في الأشباه: "كما أن غيرها".
٦ كذا في أ. وفي د، هـ: "وكما".
٧ المشرفة -مثلثة الراء: موضع القعود في الشمس بالشتاء.
٨ في ستر دقيق.
٩ كذا في د، هـ، ز. والجباسة كأنه يريد بها ثقل الروح، من الجبس الثقيل الروح، والردئ، وإن لم يرد منه فعل ولا مصدر. وفي أ: "الحباسة".