فقالوا: أراد مع ثلاثة أحوال. وطريقه عندي أنه على حذف المضاف, يريد: ثلاثين شهرًا في عقب ثلاثة أحوال قبلها. وتفسيره: بعد ثلاثة أحوال, فالحرف إذًا على بابه؛ وإنما١ هنا حذف المضاف الذي قد شاع عند الخاص والعام. فأمَّا قوله ٢:
يعثرن في حدِّ الظبات كأنما ... كُسِيَت برود بني تزيد الأذرع٣
فإنه أراد: يعثر بالأرض في حد الظبات, أي: وهنّ في حد الظبات كقولك: خرج بثيابه, أي: وثيابه عليه, وصلّى في خفيه, أي: وخفاه عليه. وقال تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} ٤ فالظرف إذًا متعلق بمحذوف؛ لأنه حال من الضمير, أي: يعثرن كائنات في حد الظبات.
وأما قول بعض الأعراب ٥:
نلوذ في أمّ لنا ما تغتصب ... من الغمام ترتدي وتنتقب٦
١ كذا في د، هـ، ز. وفي ش: "بانما".
٢ أي: أبي ذؤيب الهذلي. والبيت هو السادس والثلاثون عن عينيته المشهورة إلى مطلعها:
أمن المنون وربما تترجع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع
وانظرها في أواخر المفضليات، وديوان الهذلين "طبعة دار الكتب" ١/ ١٠.
٣ هذا في الحديث عن حمر الوحش التي أصابتهن سهام الصيد. والظبات أطراف السهام, يقول: إن قوائمهن تضمخن بالدم؛ فكأنها كسبت برودًا تزيدية. وهي منسوبة إلى تزيد بن عمران بن الحاف بن فصاعة. وهذه البرود فيها خطوط حمر، فشبه طرائق الدم في أذرع الحمر بتلك الطرائق.
٤ آية: ٧٩، سورة القصص.
٥ كذا في ش. وفي د، هـ، ز: "العرب" وهو من طيئ. وانظر الاقتضاب ٤٣٨، والجواليق ٣٥٨.
٦ "تغتصب" كذا في د، هـ، ز، ش. وهو بالبناء للمجهول؛ أي: هي منيعة على من أرادها. وفي ج: "تعتصب" بالبناء للفاعل, أي: تشد عليها العصابة، أي: ليست بامرأة، وإنما هي الحقيقة جبل.