وقد أقيمت "الصفة الجملة"١ مقام الموصوف المبتدأ نحو قوله ٢:
لو قلت ما في قومها لم تيثم ... يفضلها في حسب وميسم
أي: ما في قومها أحد يفضلها, وقال الله سبحانه: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} ٣ أي: قوم دون ذلك, وأما قوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} ٤ فيمن٥ قرأه بالنصب فيحتمل أمرين: أحدهما أن يكون الفاعل مضمرًا, أي: لقد تقطع الأمر أو العقد أو الود -ونحو ذلك- بينكم, والآخر "أن يكون"٦ ما كان يراه أبو الحسن من أن يكون "بينكم" وإن كان منصوب اللفظ مرفوع الموضع بفعله, غير أنه أقرت نصبة الظرف, وإن كان مرفوع الموضع لاطراد استعمالهم إياه ظرفًا. إلا أن استعمال الجملة التي هي صفة للمبتدأ مكانه أسهل من استعمالها فاعلة؛ لأنه ليس يلزم أن يكون المبتدأ اسمًا محضًا. كلزوم ذلك في الفاعل, ألا ترى إلى قولهم: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه, أي: سماعك به خير من رؤيته. وقد تقصينا٧ ذلك في غير موضع.
وقد حذفت الصفة ودلت الحال عليها. وذلك فيما حكاه صاحب الكتاب من قولهم ٨: سير عليه ليل, وهم يريدون: ليل طويل. وكأنَّ هذا إنما حذفت فيه الصفة لما دلَّ من الحال على موضعها, وذلك أنك تحس في كلام القائل لذلك
١ كذا في ش. وفي ز: "صفة الجملة" وفي ط: "الصفة الجملية".
٢ أي: حكيم بن معية الربعي. وتيثم: أصله تأثم؛ فكسر حرف المضارعة وأبدل الهمزة ياء. والميسم: الحسن والجمال. انظر الكتاب ١/ ٣٧٥، والخزانة ٢/ ٣١١.
٣ آية: ١١ سورة الجن.
٤ آية: ٩٤ سورة الأنعام.
٥ في ز: "فمن قرأ". وهذه قراءة نافع وحفص والكسائي وأبي بكر, والباقون بالرفع، كما في الإتحاف.
٦ ما بين القوسين سقط في د، هـ، ز.
٧ في د، هـ، ز: "تقصيت".
٨ كأنه يريد قول سيبويه في الكتاب ١/ ١٥, وكذلك سير عليه ليلًا ونهارًا ... إلّا أن تريد معنى سير عليه ليل طويل ونهار طويل.