ومن ذلك ما يروى في الحديث ١: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد"، أي: لا صلاة كاملة أو فاضلة ونحو ذلك. وقد خالف في ذلك من لا يعد خلافه خلافًا.
وقد حذف المفعول به نحو قول الله تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} أي: أوتيت منه شيئًا, وعليه قول الله سبحانه: {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى} ٣ أي: غشاها إياه, فحذف المفعولين جميعًا, وقال الحطيئة:
منعّمة تصون إليك منها ... كصونك من رداء شرعبيّ٤
أي: تصون الحديث منها, وله نظائر.
وقد حذف الظرف نحو قوله ٥:
فإن مت فانعيني بما أنا أهله ... وشقي عليّ الجيب يا ابنة معبد
أي: إن مت قبلك, هذا يريد لا محالة. ألا ترى أنه لا يجوز أن يشرط الإنسان موته؛ لأنه يعلم٦ أنه مائت٧ لا محالة, وعليه قول الآخر٨:
أهيم بدعدٍ ما حييت فإن أمت ... أوكّل بدعدٍ من يهيم بها بعدي
١ رواه الدارقطني والبيهقي عن جابر وأبي هريرة؛ كما في الجامع الصغير.
٢ آية ٢٣ سورة النمل.
٣ آية ٥٤ سورة النجم.
٤ الشرعبي: ضرب من البرود, وقيل البيت:
أكل الناس تكتم حب هند ... وما تخفى بذلك من خفيّ
٥ أي: طرفة في معلقته.
٦ في د، هـ، ز: "لا يعلم".
٧ كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "ميت".
٨ هو نصيب: وانظر الموشّح ١٦٠، ١٨٩، والأغاني ١١/ ١٩، ١٤/ ١٧٤ من طبعة بولاق.