وقد كسَّروه على آونة, وتكسيرهم إياه يبعده عن البناء؛ لأنه أخذ به في شق التصريف والتصرف.
"قال:
أبو حنشٍ يؤرقنا وطلقٌ ... وعبادٌ وآونةً أثالا"١
وقد حذف المميز, وذلك إذا علم من الحال "حكم ما"٢ كان يعلم منها به, وذلك قولك: عندي عشرون, واشتريت ثلاثين, وملكت خمسة وأربعين. فإن لم يعلم المراد لزم التمييز إذا قصد المتكلم الإبانة, فإن لم يرد ذلك وأراد الإلغاز وحذف جانب البيان لم يوجب على نفسه ذكر التمييز, وهذا إنما يصلحه ويفسده غرض المتكلم, وعليه مدار الكلام. فاعرفه.
وحذف الحال لا يحسن, وذلك أن الغرض فيها إنما هو توكيد الخبر بها, وما طريقه طريق التوكيد غير لائق به الحذف؛ لأنه ضد الغرض ونقيضه, و"لأجل ذلك"٣ لم يجز أبو الحسن توكيد الهاء المحذوفة من الصلة؛ نحو الذي ضربت نفسه زيد على أن يكون "نفسه" توكيدًا للهاء المحذوفة من "ضربت", وهذا مما يترك مثله كما يترك إدغام الملحق إشفاقًا من انتقاض الغرض بادّغامه.
فأمَّا ما أجزناه من حذف الحال في قول الله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ٤ أي: فمن شهده صحيحًا بالغًا فطريقه أنه لما دلت الدلالة عليه من
١ سقط ما بين القوسين في ش, والشاعر هو ابن أحمر الباهلي. وانظر العيني على هامش الخزانة ٢/ ٤٢١، والكتاب ١/ ٣٤٣. وهذا من قصيدة يذكر فيها جماعة من قومه لحقوا بالشأم، فصار يراه في النوم إذا أتى الليل, وقوله: "عباد" في رواية: "عمار".
٢ كذا في ط. وفي ز، ش: "كما".
٣ كذا في ش. وفي د، هـ، ز: "ولذلك".
٤ آية: ١٨٥، سورة البقرة.