فصل في التقديم والتأخير:
وذلك على ضربين: أحدهما ما يقبله القياس, والآخر ما يسهله الاضطرار. الأول: كتقديم المفعول على الفاعل تارةً وعلى الفعل الناصبة أخرى, كضرب "زيدًا عمرو"١، وزيدًا ضرب عمرو, وكذلك الظرف نحو: قام عندك زيد, وعندك قام زيد, وسار يوم الجمعة جعفر, ويوم الجمعة سار جعفر. وكذلك الحال نحو: جاء ضاحكًا زيد, وضاحكًا جاء زيد. وكذلك الاستثناء نحو: ما قام إلا زيدًا أحد, ولا يجوز تقديم المستثنى على الفعل٢ الناصب له. لو قلت: إلا زيدًا قام القوم, لم يجز لمضارعة الاستثناء البدل, ألا تراك تقول: ما قام أحد إلا زيدًا, وإلا زيد, والمعنى واحد. فما جارى الاستثناء البدل امتنع تقديمه.
فإن قلت: فكيف جاز تقديمه٣ على المستثنى منه, والبدل لا يصح تقديمه٣ على المبدل منه.
قيل: لما تجاذب المستثنى شبهان: أحدهما كونه مفعولًا, والآخر كونه بدلًا, خلِّيت٤ له منزلة وسيطة فقدم على المستثنى منه وأخّر البتة عن الفعل الناصبة.
فأما قولهم: ما مررت إلا زيدًا بأحد, فإنما تقدّم على الباء؛ لأنها "ليست هي"٥ الناصبة له, إنما الناصب له على كل حال نفس مررت.
وما يصح ويجوز تقديمه خبر المبتدأ, نحو: قائم أخوك, وفي الدار صاحبك, وكذلك خبر كان وأخواتها على أسمائها, وعليها أنفسها, وكذلك خبر
١ كذا في د، هـ، ز. وفي ش: "زيد عمرًا".
٢ كذا في ش، ط. وسقط في د، هـ، ز.
٣ كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "تقدمه".
٤ كذا في د، ز. وفي ش، ط، هـ: "طلبت".
٥ كذا في ش، ط. وفي د: هـ، ز: "هي ليست".