أنه ليست١ حال علمه بقيام٢ زيد هي حال علمه بجلوس عمرو ونحو ذلك. وكذلك قولك: ضربت عمرًا مجاز أيضًا من غير جهة التجوّز في الفعل -وذلك أنك إنما فعلت بعض الضرب لا جميعه- ولكن من جهة أخرى؛ وهو أنك إنما ضربت بعضه لا جميعه, ألا تراك تقول: ضربت زيدًا, ولعلك إنما ضربت يده أو إصبعه, أو ناحية من نواحي جسده, ولهذا إذا احتاط الإنسان واستظهر جاء ببدل البعض فقال: ضربت زيدًا وجهه أو رأسه. نعم, ثم إنه مع ذلك متجوز, ألا "تراه قد يقول "٣: ضربت زيدًا رأسه٤، فيبدل للاحتياط, وهو إنما ضرب ناحية من رأسه لا رأسه كله. ولهذا ما يحتاط بعضهم في نحو هذا فيقول: ضربت زيدًا جانب وجهه الأيمن, أو ضربته أعلى رأسه الأسمق٥؛ لأن أعلى رأسه قد تختلف أحواله فيكون بعضه أرفع من بعض.
وبعد فإذا عرف التوكيد لم وقع في الكلام -نحو: نفسه وعينه وأجمع وكله وكلهم وكليهما, وما أشبه ذلك- عرفت منه "حال سعة"٦ المجاز في هذا الكلام, ألا تراك قد٧ تقول: قطع الأمير اللص, ويكون القطع له بأمره٨ لا بيده, فإذا قلت: قطع الأمير نفسه اللص, رفعت المجاز من جهة الفعل وصرت إلى الحقيقة, لكن يبقى عليك التجوز من مكان آخر وهو قولك: اللص, وإنما لعله قطع يده أو رجله، فإذا٩ احتطت قلت: قطع الأمير نفسه يد اللص أو رجله. وكذلك
١ في ش: "ليست له".
٢ كذا في د، هـ، ز، ط. وفي ش: "بقعود".
٣ كذا في ش. وفي ط: "ترى كيف تقول" وفي ز: "تراه كيف تقول".
٤ سقط في ش.
٥ كذا في ش. وفي د، هـ، ز، ط: "الأسمي".
٦ كذلك في ش، ز. وفي ط: "سعة حال".
٧ سقط في ش، ط، وثبت في د، هـ، ز.
٨ في ش: "وبأمره".
٩ كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "وإذا".