وعن محمد بن الحكم، عن أبيه: «أن معاوية لما حُضر أوصى بنصف ماله أن يرد إلى بيت المال، كأنه أراد أن يطيب له الباقي؛ لأن عمر قاسم عماله» (١).
وعن محمد بن سيرين قال: «مرض معاوية مرضا شديدا، فنزل عن السرير، وكشف ما بينه وبين الأرض، وجعل يلزق ذا الخد مرة بالأرض، وذا الخد مرة بالأرض، ويبكي ويقول: اللهم إنك قلت في كتابك: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}. اجعلني ممن تشاء أن تغفر له» (٢).
وعن أبي عمرو بن العلاء المازني قال: «لما حضرت معاوية الوفاة قيل له: يا أمير المؤمنين! ألا توصي؟ فقال:
هو الموت لا منجى من الموت والذي ....... نحاذر بعد الموت أدهى وأفظع
ثم قال: اللهم أقل العثرة، واعف عن الزلة، وتجاوز بحلمك عن جهل من لم يرج غيرك، فما وراءك مذهب. ثم مات» (٣).
وقد اختُلف فيمن صلَّى عليه:
فذهب بعضهم إلى أن ابنه يزيد هو من صلَّى عليه.
قال خليفة بن خيَّاط: «وصلى عليه ابنه يزيد بن معاوية» (٤).
(١) أخرجه البلاذري في أنساب الأشراف (٥/ ٢٨)، والطبري في تاريخه (٥/ ٣٢٧)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٥٩/ ٢٢٠)، ورواية الطبري وابن عساكر أُبهم فيها ذكر الحكم، فقيل: عن محمد بن الحكم، عمَّن حدَّثه. ولم أستطع تمييز محمد بن الحكم هذا، والأثر صححه صاحبا صحيح تاريخ الطبري (٤/ ٣٨).
(٢) إسناده حسن إلى ابن سيرين: أخرجه ابن أبي الدنيا في المحتضرين (٣٤٠)، وفي سنده أبو عقيل الأسدي يحيى بن حبيب، صدوق ربما وهم، كما في التقريب (٧٥٢٥).
(٣) إسناده ضعيف: أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٥٩/ ٢٢٧)، وفي سنده محمد بن الحسن بن دريد، كان كثير الرواية للأخبار وأيام الناس، إلا أنه لم يكن ثقة، كما في لسان الميزان (٧/ ٧٩).
وله إسناد آخر في تاريخ دمشق (٥٩/ ٢٢٦) من طريق محمد بن زكريا العتبي، عن أبيه، لكن العتبي هذا لم أعرفه!
(٤) تاريخ خليفة بن خياط (ص: ٢٢٦).