من أمَّهات المؤمنين رضي الله عنهنّ.
ومِنْ ذلك استدراكها على أخيها عبد الرّحمن، روى مسلم عَنْ سَالم مَوْلَى شَدَّادٍ قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنهما -، فَتَوَضَّأَ عِنْدَهَا، فَقَالَتْ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، أَسْبِغْ
الوُضُوءَ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ" (١).
أرادت - رضي الله عنها - أن تذكِّر أخاها عبد الرّحمن - رضي الله عنه - بوجوب غسل الرِّجلين بكمالها، وأنَّ المسح لا يجزئ، ولعلَّ عبد الرّحمن - رضي الله عنه - كان في عجلة من أمره، فقد كان خارجاً في جنازة الصَّحابيِّ الجليل سعد بن أبي وقَّاص، فلمسلم عن سالم مَوْلَى المهْرِيِّ، قَالَ: " خَرَجْتُ أَنَا وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فِي جَنَازَةِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَمَرَرْنَا عَلَى بَابِ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَذَكَرَ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ " (٢).
ومن المقاييس عرض الحديث على حديث عندها، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ فَدَخَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَتْ: "أَنْتَ الَّذِي تُحَدِّثُ أَنَّ امْرَأَةً عُذِّبَتْ فِي هِرَّةٍ لَهَا رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَسْقِهَا؟ فَقَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْهُ ـ يَعْنِي النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: هَلْ تَدْرِي مَا كَانَتِ المَرْأَةُ؟ إِنَّ الْمَرْأَةَ مَعَ مَا فَعَلَتْ، كَانَتْ كَافِرَةً، وَإِنَّ المُؤْمِنَ أَكْرَمُ عَلَى الله - عز وجل - مِنْ أَنْ يُعَذِّبَهُ فِي هِرَّةٍ " (٣).
ولعلّ عذر أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّه لم يسمع مناسبة الحديث، فعلَّة دخولها النَّار
(١) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٢/ج ٣/ص ١٢٨) كتاب الطّهارة.
(٢) المرجع السّابق.
(٣) أحمد "المسند" (ج ٩/ص ٥٤٩/رقم ١٠٦٧٥) وإسناده حسن.