جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ (١٨٢)} البقرة، وقال تعالى: {أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ (٢٢٤)} البقرة، وقال تعالى: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا (٣٥)} النّساء، وقال تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ (١٢٨)} النّساء.
شهادة عمَّار - رضي الله عنه - لعائشة - رضي الله عنها -
لمَّا سَارتْ أمُّ المؤمنين إلى البصرة، قام عمَّار بن ياسر - رضي الله عنهما - الطَّيِّبُ المطيَّبُ، الَّذي مُلئ إيماناً إلى مُشَاشِه، صادق اللَّهجة، قام خطيباً على مِنْبَرِ الكوفة، وشَهِدَ لأمِّ المؤمنين - رضي الله عنها - أنَّها زوجة النَّبيِّ في الدَّارين، مع أنَّه كان على رأي عليٍّ - رضي الله عنه -.
أخرج البخاريّ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ أنّ عَمَّاراً قَامَ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ، فَذَكَرَ عَائِشَةَ، وَذَكَرَ مَسِيرَهَا، وَقَالَ: "إِنَّهَا زَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا ابْتُلِيتُمْ " (١).
ومراد عمَّار - رضي الله عنه - أنَّ عائشة - رضي الله عنها - سارت مسيرها هذا بقدر الله تعالى، وفيه ابتلاء، وأنَّها إنَّما خرجت متأوِّلة، ولم تبدِّل حُكْماً، ولم تخالف شرعاً، ولم تخرج بذلك عن الإسلام، ولا يمنعها ذلك أن تكون زوجة النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الآخرة، ومع هذا فإنَّ
الحقَّ مع عليٍّ - رضي الله عنه -.
وشهادة عمَّار لأمِّ المؤمنين بالفضل، وأنَّها زوجة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الجنَّة تَشْهَدُ له بالإنصاف والورع وتحرِّيه الحقّ قولاً وعملاً، وما كان ليشهد لها لولا علمه بذلك.
(١) البخاريّ "صحيح البخاريّ" (م ٤/ج ٨/ص ٩٨) كتاب الفتن.