وكلُّ مُتَّبَعٍ بعده - صلى الله عليه وسلم - فإنَّما اتِّباعه فرعٌ لاتِّباع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وخير متَّبِعٍ ومُتَّبَعٍ بعد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابه - رضي الله عنهم -، فاجهد في اتِّباع سبيلهم، واقتفاء أثرهم، وترسُّم خطاهم.
واعلم أنَّ هذه الفِرَق الّتي ضربت خيامها ومدَّت أطنابها في كلِّ مكان لم تكن في عهد النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - على اختلاف أسمائها، فقد مات - صلى الله عليه وسلم - والأمَّة جميع، كذلك عهد الشَّيخين - رضي الله عنهما -، والله تعالى يقول: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ (٧٨)} الحجّ.
فأخبر الله تعالى أنَّه سمَّى أصحابَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - المسلمين مِن قَبْل القرآن وفي القرآن؛ لِمَا سَبَقَ في علمه أنَّه سيتَّخذهم شهداء على النَّاس يوم القيامة، فهم ورثة
النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في البلاغ وإقامة الحجج على النَّاس.
فإذا كان الله تعالى قد سمَّاهم المسلمين من قبل، وارتضى لهم هذا الاسم الجامع المانع، فلماذا نتسمَّى بكلِّ هذه الأسماء؟! فإن قيل: حتَّى نميز أهل الحقِّ. قلنا: حَنانَيْكَ، هذا مقصد نبيل، لكن حَسْبنا ما سمَّانا الله تعالى. فإن قيل: فكيف نُعْرَف؟ قلنا: نعرف بالمسلمين على ما كان عليه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم -؛ فمفهوم كلمة المسلمين أشمل جمعاً، وأجمع شملاً.
والله تعالى أمَر باتِّباع الصِّراط المستقيم، ولم يأمُرْ باتِّباع السُّبل والفرق، فقال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ (١٥٣)} الأنعام.
ولذلك نقرأ في صلاتنا: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ