كما عَدَّ القول عليه ـ سبحانه ـ بغير علم من اتِّباع خُطُواتِ الشَّيطان، وأنَّ الشَّيطان يأمر به، فقال - جل جلاله -: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨)
إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (١٦٩)} البقرة.
ولذلك نهى الله تعالى عن القول عليه بغير علم، فقال: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦)} الإسراء، فلا يحلُّ أن تقول سمعت ورأيت وعلمت، وأنت لم تسمع ولم ترَ ولم تعلم.
وقد جعل الله تعالى للكاذبين علامة يعرفون بها يوم القيامَة، قال - عز وجل -: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ (٦٠)} الزّمر.
أمَّا الكذب على رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فليس كَكَذِبٍ على أَحَد، فقد قَال - صلى الله عليه وسلم -:
" مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ" (١).
وهذا الحديث متواتر لفظاً ومعنى، فقد جاء بهذا اللَّفظ عن بضعة وسبعين صحابياً، وفيهم العشرة المشهود لهم بالجنة، وجاء بالمعنى عن مائتين من الصحابة كما نقله النَّووي في المقدِّمة. أجارنا الله تعالى من ضلالات الهوى، وفتن المضلِّين، وأكاذيب المتقوِّلين.
فكم هم الَّذين جمعوا بين الكذب على الله تعالى والكذب على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، واختلقوا الأباطيل والأضاليل، ووضعوا الحكايات والأخبار، وولَّدوا الرِّوايات والآثار، وأذاعوها بعد تهذيبها وتشذيبها، وأورثوا ما ابتدعوا، فيا وَيْحَهم حملوا إثماً
(١) البخاريّ "صحيح البخاري" (م ١/ج ٢/ص ٨١) كتاب الجنائز.