عن الجاهلين، فقال تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (٥٥)} القصص، وقَال تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (٦٣)} الفرقان.
وكفى ذمّاً بالجهل وتقبيحه أنَّ كلب الصَّيد الجاهل لا يحلُّ أكل صيده، فقد اشترط الفقهاء لحلِّ الصَّيد أن يكون الكَلْبُ مُعَلَّماً لا جاهلاً، لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ (٤)} المائدة.
وقد أخبر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ مِن أَشراط السَّاعة أن يرفع العلم (العلم بالكتاب والسُّنَّة)، ويثبت الجهل، ويكثر القتل، قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - "إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ أَيَّاماً يُرْفَعُ فِيهَا العِلْمُ، وَيَنْزِلُ فِيهَا الجَهْلُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الهَرْجُ، وَالْهَرْجُ القَتْلُ" (١).
وقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِي عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لا يَدْرِي القَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ، وَلَا المَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ، فَقِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ؟ قال:
الْهَرْجُ، القَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ" (٢) والبحث في هذا يتَّسع.
وخلاصة القول الجهَّال أموات غير أحياء، لا يهتدون بنصح، ولا ينتفعون بذكرى، ولم يكن على الأنبياء والرُّسل أثقل منهم، فهم أعداء الحقّ، وأعداء أنفسهم، وقد أحسن القائل:
(١) البخاري "صحيح البخاري" (م ٤/ج ٨/ص ٨٩) كتاب الفتن.
(٢) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٩/ج ١٨/ص ٣٥) كتاب الفتن.