وانظر كيف لم يواجِه عائشة - رضي الله عنها - بالسَّلام لأجل زوجها، فمن هذه حالتها، كيف يصدَّق عليها كذب الأفَّاكين؟!
البرهان بأنّ جبريل - عليه السلام - أقرأ عائشة - رضي الله عنها - السّلام
لعائشة - رضي الله عنها - من الفضائل المشهورة، والمناقب المأثورة الشَّيء الكثير، روى الشَّيخان عن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً: "يَا عَائِشَ، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ، فَقُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لَا أَرَى، تُرِيدُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - " (١).
ومن فقه الحديث أنَّ مَنْ بَلَغَ إليه سلام غائب عنه، عليه أن يردَّ عليه السَّلام كما يردّ على الحاضر؛ فَإِنّ جِبْرِيل - عليه السلام - سَلَّمَ على عائشة - رضي الله عنها - على لِسَان النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فردّت عليه السَّلام. ومن فقه الحديث أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يرى ما لا يرى النَّاس، وهذا ممَّا اختصَّ به - صلى الله عليه وسلم -.
جهادها - رضي الله عنها -
عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: " لمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لمُشَمِّرَتَانِ، أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا تَنْقُزَانِ القِرَبَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: تَنْقُلَانِ القِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ القَوْمِ،
ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلَآنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهَا فِي أَفْوَاهِ القَوْمِ" (٢).
(١) البخاري "صحيح البخاري" (م ٢/ج ٤/ص ٢١٩) كتاب المناقب. ومسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٨/ج ١٥/ص ٢١٢) كتاب فضائل الصّحابة.
(٢) البخاري "صحيح البخاري" (م ٢/ج ٣/ص ٢٢١) كتاب الجهاد.