بالقرب أيضاً، ومثله قوله تعالى حكاية عنهم: {أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ (٣٦)} الأنبياء، وقول مَنْ قال منهم: {أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا (٥٣)} الأنعام.
فإيذاء النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ورمي أصحابه - رضي الله عنهم -، وإيذاء المؤمنين في عائشة - رضي الله عنها - مِن السُّنن، ذلك أنَّ أهل الحقِّ لهم أعداء، ولذلك قال ورقة للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ " (١).
لكن الباغي عليه تدور الدَّوائر، {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ (٢٣)} يونس والسُّوء لا يقع فيه إلَّا فاعله، والمكر لا يحيق إلَّا بصاحبه {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ (٤٣)} فاطر.
ولذلك قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كُنَّ عَلَيْهِ: الْبَغْيُ، وَالنَّكْثُ، والمكْرُ " قال - عز وجل -: {إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ (٢٣)} يونس، وقال: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ (١٠)} الفتح، وقال: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ (٤٣)} فاطر.
فمَنْ ظَلَمَ عائشة - رضي الله عنها - ممَّن سَلَفَ ومضى وغبر، أو ممَّن خَلَفَ وأدبر واستكبر،
فإنَّما بغيه على نفسه، وإنَّما حسابه عند ربِّه.
(١) متَّفق عليه: البخاري "صحيح البخاري" (م ١/ج ١/ص ٣) بَدْء الوحي، ومسلم "صحيح مسلم بشرح النَّووي" (م ١/ج ٢/ص ٢٠٣) كتاب الإيمان.