ورُوِي من طريق ثالث من حديث السَّرِي بن سهل (١)، فتبيَّنَ أنَّ للحديث أصلًا محفوظًا عن ابنِ عُمر.
قال أهل اللغة: العِيْنة في أصل اللغة للسَّلَف، والسلفُ يعمُّ تعجيل الثمن وتعجيل المثمن، وهو الغالب هنا، يقال: اعتانَ الرجلُ وتعيَّن إذا اشترى الشيءَ بنسيئةٍ، كأنها مأخوذة من العين وهو المعَجَّل.
قال أبو إسحاق الجُوْزجاني: أنا أظن أنها مشتقَّة من حاجة الرجل إلى العَيْن يعني: الذهب والوَرِق، فيشتري السلعةَ ويبيعها بالعين التي احتاجها.
فالحديث يدلُّ على أنَّ من العِيْنة ما هو محرَّم، وإلا لما أدخلها في جملة ما استحلُّوه واستحقُّوا به العقوبة.
وكذلك الأخذ بأذناب البقر، وهو على ما قيل: الدخولُ في أرض الخراج بدلًا عن أهل الذمة.
وقد تقدَّم (٢) قولُه: "ليأتينَّ على الناسِ زمانٌ يستحلُّون الربا بالبيع" يعني: العينة، فهذا شاهد وعاضد لهذا الحديث.
وعن أنسٍ أنه سئل عن بيع العينة - يعني بيع الحريرة -؟ فقال: "إن الله لا يُخْدَع، هذا مما حرَّم اللهُ ورسولُه" رواه محمد بن
(١) قال حدثنا عبد الله بن رشيد، ثنا عبد الرحمن بن محمد، عن ليث عن عطاء، عن ابن عمر قال ... الحديث، أخرجه الطبراني في "الكبير": رقم (١٣٥٨٣)، وأبو نعيم في "الحلية": (١/ ٣١٣ - ٣١٤ و ٣/ ٣١٩)، وغيرهما.
(٢) (ص/ ٤٧).