وَحَمْلُ هَذَا النَّهْيِ عَلَى نَقْشٍ مِثْلِ نَقْشِهِ، يَعْنِي: وَهُوَ الَّذِي نُقِشَ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ " نَهَى أَنْ يَنْقُشَ أَحَدٌ مِثْلَ ذَلِكَ عَلَى خَاتَمِهِ لِمَا فِي الِاشْتِرَاكِ فِي ذَلِكَ النَّقْشِ مِنَ الْمَفْسَدَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ وَنَقَشَ عَلَيْهِ " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» " وَنَهَى أَنْ يَنْقُشَ أَحَدٌ مِثْلَ نَقْشِهِ، فَلَعَلَّ الرَّاوِي وَهِمَ فِي الْحَدِيثِ وَقَالَ: نَهَى أَنْ يَنْقُشَ عَرَبِيًّا.
وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ سَدِّ الذَّرِيعَةِ، حَتَّى يُصَانَ ذَلِكَ النَّقْشُ عَنِ الْمُحَاكَاةِ، فَنَهَى عَنِ النَّقْشِ بِالْعَرَبِيَّةِ مُطْلَقًا، وَلِهَذَا نَظَائِرُ فِي الشَّرِيعَةِ لِمَنْ تَأَمَّلَهَا.
فَصْلٌ قَولهم وَلَا نَتَكَنَّى بِكُنَاهُمْ
٢٥١ - فَصْلٌ
قَالُوا: " وَلَا نَتَكَنَّى بِكُنَاهُمْ ".
وَهَذَا لِأَنَّ الْكُنْيَةَ وُضِعَتْ تَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا لِلْمُكَنَّى بِهَا كَمَا قَالَ:
أُكَنِّيهِ حِينَ أُنَادِيهِ لِأُكْرِمَهُ ... وَلَا أُلَقِّبَهُ وَالسَّوْأَةُ اللَّقَبَا
وَأَيْضًا فَفِي تَكَنِّيهِمْ بِكُنَى الْمُسْلِمِينَ اشْتِبَاهٌ بِالْكُنْيَةِ، وَالْمَقْصُودُ التَّمْيِيزُ حَتَّى فِي الْهَيْئَةِ وَالْمَرْكَبِ وَاللِّبَاسِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي جَوَازِ تَسَمِّيهِمْ بِأَسْمَاءِ الْمُسْلِمِينَ كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَا أَشْبَهَهَا؟