الْمُسْلِمِينَ، فَلَوْ أَذْهَبَ التَّعْزِيرُ وَالتَّأْدِيبُ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ إِذَا شَتَمَ الرَّسُولَ لَكَانَ غَيْظُهُمْ مِنْ سَبِّ نَبِيِّهِمْ مِثْلَ غَيْظِهِمْ مِنْ سَبِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَهَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا.
الثَّانِي: أَنَّ شَتْمَهُ أَعْظَمُ عِنْدَهُمْ مِنْ أَنْ يُسْفَكَ دِمَاءُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، ثُمَّ لَوْ قَتَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمْ يَشْفِ صُدُورَهُمْ إِلَّا قَتْلُهُ، فَأَنْ لَا تُشْفَى صُدُورُهُمْ إِلَّا بِقَتْلِ السَّابِّ أَوْلَى وَأَحْرَى.
الثَّالِثُ: أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ قِتَالَهُمْ هُوَ السَّبَبَ فِي حُصُولِ الشِّفَاءِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ سَبَبٍ آخَرَ يُحَصِّلُهُ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ هُوَ الشَّافِيَ لِصُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مِثْلِ هَذَا.
الرَّابِعُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ وَأَرَادَ أَنْ يَشْفِيَ صُدُورَ خُزَاعَةَ - وَهُمُ الْقَوْمُ الْمُؤْمِنُونَ - مِنْ بَنِي بَكْرٍ الَّذِينَ قَاتَلُوهُمْ مَكَّنَهُمْ مِنْهُمْ نِصْفَ النَّهَارِ أَوْ أَكْثَرَ مَعَ أَمَانِهِ لِسَائِرِ النَّاسِ، فَلَوْ كَانَ شِفَاءُ صُدُورِهِمْ وَذَهَابُ غَيْظِ قُلُوبِهِمْ يَحْصُلُ بِدُونِ الْقَتْلِ لِلَّذِينَ نَكَثُوا أَوْ طَعَنُوا لَمَا فَعَلَ ذَلِكَ مَعَ أَمَانِهِ النَّاسَ.
فَصْلٌ الْمُحَادُّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ لَيْسَ لَهُ عَهْدٌ
٢٧٢ - فَصْلٌ
الْمُحَادُّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ لَيْسَ لَهُ عَهْدٌ .
الدَّلِيلُ السَّابِعُ: قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} التوبة: ٦٣