مَوَاشِيهِمْ فَخُذِ الضِّعْفَ مِنْهُمْ، وَكُلِّ مَا أُخِذَ مِنْ عُشْرِ ذِمِّيٍّ فَمَسْلَكُهُ مَسْلَكُ الْفَيْءِ، وَمَا اتَّجَرَ بِهِ نَصَارَى الْعَرَبِ وَأَهْلُ دِينِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا يَهُودًا تُضَاعَفُ عَلَيْهِمْ فِيهِ الصَّدَقَةُ، انْتَهَى.
قَالُوا: وَلِأَنَّهُمْ أَهْلُ ذِمَّةٍ فَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ جِزْيَةٌ لَا صَدَقَةٌ كَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ.
قَالُوا: وَلِأَنَّهُ مَالٌ يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لِحَقْنِ دِمَائِهِمْ، فَكَانَ جِزْيَةً كَمَا لَوْ أُخِذَ بِاسْمِ الْجِزْيَةِ.
قَالُوا: وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ طُهْرَةٌ، وَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الطُّهْرَةِ.
قَالُوا: وَلِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّمَا سَأَلَهُمُ الْجِزْيَةَ لَمْ يَسْأَلْهُمُ الصَّدَقَةَ، فَالَّذِي سَأَلَهُمْ إِيَّاهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ الَّذِي بَذَلُوهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ.
قَالُوا: وَلِأَنَّ نِسَاءَهُمْ وَصِبْيَانَهُمْ وَمَجَانِينَهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ وَلَا مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا.
قَالُوا: وَلِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُمْ مَصْرِفُ الْفَيْءِ لَا مَصْرِفُ الصَّدَقَةِ، فَيُبَاحُ لِمَنْ يُبَاحُ لَهُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ.
قَالَ أَصْحَابُ أَحْمَدَ: الْمُتَّبَعُ فِي ذَلِكَ فِعْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُمْ سَأَلُوهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ مَا يَأْخُذُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَيُضْعِفَهُ عَلَيْهِمْ فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَهُوَ يَأْخُذُ مِنْ صِبْيَانِ الْمُسْلِمِينَ وَنِسَائِهِمْ وَمَجَانِينِهِمْ، وَذَلِكَ هُوَ الزَّكَاةُ وَعَلَى هَذَا الْبَذْلِ وَالصُّلْحِ دَخَلُوا وَبِهِ أَقَرُّوا.
قَالُوا: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: " مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ " فَهَذَا غَيْرُ مَذْهَبِ الْجِزْيَةِ، بَلْ مَذْهَبُ الصَّدَقَةِ.