ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ تَأْمَنُ أَنْ يَفْعَلَ فِي مُعَامَلَةِ السُّلْطَانِ كَمَا فَعَلَ فِي أَصْلِ اعْتِقَادِهِ، وَيَكُونَ مَعَ هَذَا أَكْثَرَ النَّصَارَى أَمَانَةً؟ وَكُلَّمَا اسْتَخْرَجَ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ دَفَعَ إِلَى السُّلْطَانِ دِينَارًا، وَأَخَذَ لِنَفْسِهِ اثْنَيْنِ، وَلَاسِيَّمَا وَهُوَ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ قُرْبَةً وَدِيَانَةً؟
وَانْصَرَفَ الْقَوْمُ، وَاتَّفَقَ أَنْ كَبَتْ بِالنَّصْرَانِيِّ بِطْنَتُهُ، وَظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ فَأُرِيقَ دَمُهُ، وَسُلِّطَ عَلَى وُجُودِهِ عَدَمُهُ، وَفِيهِ يَقُولُ عِمَارَةُ الْيَمَنِيُّ:
قُلْ لِابْنِ دُخَانٍ إِذَا جِئْتَهُ ... وَوَجْهُهُ يَنْدَى مِنَ الْقَرْقَفِ
لَمْ تَكْفِكَ الدُّنْيَا وَلَوْ أَنَّهَا ... أَضْعَافُ مَا فِي سُورَةِ الزُّخْرُفِ
فَاصْفَعْ قَفَا الذُّلِّ وَلَوْ أَنَّهُ ... بَيْنَ قَفَا الْقِسِّيسِ وَالْأُسْقُفِ
مَلَّكَكَ الدَّهْرُ سِبَابَ الْوَرَى ... فَاحْلِقْ لِحَاهُمْ آمِنًا وَانْتِفِ
خَلَا لَكَ الدِّيوَانُ مِنْ نَاظِرٍ ... مُسْتَيْقِظِ الْعَزْمِ وَمِنْ مُشْرِفِ
فَاكْسِبْ وَحَصِّلْ وَادَّخِرْ وَاكْتَنِزْ ... وَاسْرِقْ وَخُنْ وَابْطِشْ وَلَا تَضْعُفِ
وَابْكِ وَقُلْ مَا صَلُحَ لِي دِرْهَمٌ ... فَرْدٌ وَصَلِّبْ وَابْتَهِلْ وَاحْلِفِ
وَاغْتَنِمِ الْفُرْصَةَ مِنْ قَبْلِ أَنْ ... تَقْضِي عَلَى الْإِنْجِيلِ وَالْمُصْحَفِ