أَنْ يُؤَدُّوا إِلَى الْإِمَامِ عَنْ رُءُوسِهِمْ دِينَارًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُحَارِبَهُمْ ; لِأَنَّهُمْ قَدْ بَذَلُوا مَا حَدَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَأَعْجَبَهُ هَذَا وَفَكَّرَ فِيهِ ثُمَّ تَبَسَّمَ وَقَالَ: مَسْأَلَةٌ فِيهَا نَظَرٌ.
وَقَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي أَيَّ شَيْءٍ تَذْهَبُ فِي الْجِزْيَةِ؟ قَالَ: أَمَّا أَهْلُ الشَّامِ فَعَلَى مَا وَصَفَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ وَكُسْوَةٌ وَزَيْتٌ، وَأَمَّا أَهْلُ الْيَمَنِ فَعَلَى كُلِّ حَالِمٍ دِينَارٌ: وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ فَعَلَى مَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ.
وَقَالَ الْأَثْرَمُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ دِينَارٌ، شَيْءٌ لَا يُزَادُ عَلَيْهِمْ؟
قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ لَهُ: وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ؟ قَالَ: كُلُّ قَوْمٍ عَلَى سَنَنِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: أَهْلُ الشَّامِ خِلَافُ غَيْرِهِمْ أَيْضًا، وَكُلُّ قَوْمٍ عَلَى مَا قَدْ جُعِلُوا عَلَيْهِ.
فَقَدْ ضَمَّنَ مَذْهَبَهُ أَرْبَعَ رِوَايَاتٍ.
إِحْدَاهَا: أَنَّهُ لَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ عَلَى مَا وَضَعَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَالثَّانِيَةُ: تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ، قَالَ الْخَلَّالُ: وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ.
وَالثَّالِثَةُ: تَجُوزُ الزِّيَادَةُ دُونَ النُّقْصَانِ.
وَالرَّابِعَةُ: أَنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ خَاصَّةً لَا يُزَادُ عَلَيْهِمْ وَلَا يُنْقَصُ.