الْبَيْنُونَةَ إِذَا انْقَضَتِ الْعِدَّةُ تَكُونُ مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ لَا مِنْ حِينِ الِاخْتِيَارِ.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْبَيْنُونَةَ إِنَّمَا تَقَعُ مِنْ حِينِ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ، وَلِهَذَا لَهُ اخْتِيَارُهَا وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا، وَإِنَّمَا عُلِمَ خُرُوجُهَا عَنْ زَوْجِيَّتِهِ بِاخْتِيَارِ غَيْرِهَا، فَكَانَ اخْتِيَارُ غَيْرِهَا فِرَاقًا لَهَا، فَتَكُونُ الْبَيْنُونَةُ مِنْ حِينِ تَثْبُتُ مُفَارَقَتُهَا، وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ إِذَا اخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا، وَفَارَقَ الْبَوَاقِيَ فَعِدَّتُهُنَّ مِنْ حِينِ الِاخْتِيَارِ لَا مِنْ حِينِ إِسْلَامِهِ.
فَصْلٌ إِذَا مَاتَتْ إِحْدَى الْمُخْتَارَاتِ فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُخْرَى مِنَ الْبَواقِي
١٣٤ - فَصْلٌ
إِذَا مَاتَتْ إِحْدَى الْمُخْتَارَاتِ فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُخْرَى مِنَ الْبَواقِي .
وَإِنِ اخْتَارَ أَرْبَعًا، وَفَارَقَ الْبَوَاقِيَ فَمَاتَتْ إِحْدَى الْمُخْتَارَاتِ، أَوْ بَانَتْ مِنْهُ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ مِنَ الْمُفَارَقَاتِ تَمَامَ أَرْبَعٍ، وَتَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى طَلَاقِ ثَلَاثٍ لِأَنَّهُنَّ لَمْ يُطَلِّقْهُنَّ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَإِنِ اخْتَارَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعٍ، بِأَنِ اخْتَارَ وَاحِدَةً مِنْ ثَمَانٍ، أَوِ اخْتَارَ تَرْكَ الْجَمِيعِ فَقَالَ فِي " الْمُغْنِي ": أُمِرَ بِطَلَاقِ أَرْبَعٍ، أَوْ تَمَامِ أَرْبَعٍ، يَعْنِي: أُمِرَ بِطَلَاقِ أَرْبَعٍ فِيمَا إِذَا اخْتَارَ تَرْكَ الثَّمَانِ، أَوْ بِتَمَامِ أَرْبَعٍ فِيمَا إِذَا اخْتَارَ وَاحِدَةً وَتَرَكَ السَّبْعَ. قَالَ: لِأَنَّ الْأَرْبَعَ زَوْجَاتٍ لَا يَبِنَّ مِنْهُ إِلَّا بِطَلَاقٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ.
قُلْتُ: اخْتِيَارُهُ تَرْكُ الْجَمِيعِ، أَوِ الْأَكْثَرِ كَافٍ فِي فَسْخِ نِكَاحِهِنَّ، فَلِأَيِّ شَيْءٍ يُؤْمَرُ بِطَلَاقِ أَرْبَعٍ فِي إِحْدَى الصُّورَتَيْنِ، وَتَمَامِ أَرْبَعٍ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ؟