تُقِرُّونَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَإِذَا فَعَلُوهُ فَمَا حُكْمُ هَذَا الْوَلَدِ؟ قِيلَ لَا يَخْلُو، إِمَّا أَنْ يَعْتَقِدُوا حِلَّ ذَلِكَ، أَوْ تَحْرِيمَهُ، فَإِنِ اعْتَقَدُوا حِلَّهُ جَازَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُعْرَضْ لَهُمْ فِيهِ، وَإِنِ اعْتَقَدُوا تَحْرِيمَهُ لَمْ نُقِرَّهُمْ عَلَيْهِ، فَإِنَّا لَا نُقِرُّهُمْ عَلَى نِكَاحٍ يَعْتَقِدُونَ بُطْلَانَهُ، وَأَنَّهُ زَنًا.
وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ أَنَّهُ إِذَا تَزَوَّجَ الْمَجُوسِيُّ كِتَابِيَّةً يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَأَطْلَقَ الْجَوَابَ، وَظَاهِرُهُ التَّفْرِيقُ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إِلَيْنَا.
وَأَمَّا إِنْ تَزَوَّجَ الذِّمِّيُّ وَثَنِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً، فَهَلْ يُقَرُّ عَلَى ذَلِكَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُقَرُّ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى دِينًا مِنْهَا، فَيُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهَا كَمَا يُقَرُّ الْمُسْلِمِ عَلَى نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ.
وَالثَّانِي: لَا يُقَرُّ، لِأَنَّهَا لَا يُقَرُّ الْمُسْلِمُ عَلَى نِكَاحِهَا، فَلَا يُقَرُّ الذِّمِّيُّ عَلَيْهِ.
وَعِنْدِي أَنَّهُ إِنِ اعْتَقَدَ جَوَازَ هَذَا النِّكَاحِ أُقِرَّ عَلَيْهِ وَإِنِ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ لَمْ يُقَرَّ.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِنْ أَسْلَمُوا عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَحْتَاجُ إِلَى تَجْدِيدِ النِّكَاحِ أَمْ يَسْتَمِرُّونَ عَلَيْهِ؟ قِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ نِكَاحًا يَعْتَقِدُونَ صِحَّتَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ - وَهُوَ أَصَحُّ -: لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَجْدِيدِ نِكَاحٍ، وَالْإِسْلَامُ صَحَّحَ ذَلِكَ النِّكَاحَ كَمَا يُصَحِّحُ الْأَنْكِحَةَ الْفَاسِدَةَ فِي حَالِ الْكُفْرِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمُفْسِدُ قَائِمًا.