وَعَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّا نَنْظُرُ فِي الْمُفْسِدِ، فَإِنْ كَانَ مُؤَبَّدًا أَوْ مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمِهِ لَمْ نُقِرَّهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُؤَبَّدًا، وَلَا مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمِهِ أَقْرَرْنَاهُمْ، فَإِذَا أَسْلَمَا، وَالْمَرْأَةُ بِنْتُهُ مِنْ رَضَاعٍ، أَوْ زِنًا، أَوْ هِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْ مُسْلِمِ مُتَقَدِّمَةٍ عَلَى الْعَقْدِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الرَّضَاعِ مُؤَبَّدٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَتَحْرِيمَ ابْنَتِهِ مِنَ الزِّنَا - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْمَعًا عَلَيْهِ - فَهُوَ مُؤَبَّدٌ وَالْمُعْتَدَّةُ مِنْ مُسْلِمٍ تَحْرِيمُهَا - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُؤَبَّدًا - فَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَتِ الْعِدَّةُ مِنْ كَافِرٍ فَرِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ: مَأْخَذُ الْإِقْرَارِ أَنَّ الْمُفْسِدَ غَيْرُ مُؤَبَّدٍ وَلَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، فَإِنَّ مَنْ لَا يَرَى صِحَّةَ نِكَاحِ الْكُفَّارِ لَا يُوجِبُ عَلَى مَنْ تُوُفِّيَ زَوْجُهَا الْكَافِرُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ.
وَإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ حُبْلَى قَبْلَ الْعَقْدِ، أَوْ قَدْ شَرَطَ فِيهِ الْخِيَارَ مُطْلَقًا، أَوْ إِلَى مُدَّةٍ هُمَا فِيهَا فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ لِقِيَامِ الْمُفْسِدِ لَهُ.
وَالثَّانِي: يُقَرُّ؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ غَيْرُ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَرَى جَوَازَ نِكَاحِ الْحُبْلَى مِنَ الزِّنَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى صِحَّةَ النِّكَاحِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الْخِيَارُ كَمَا هِيَ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَدَ، بَلْ أَنَصُّهَا كَمَا تَقَدَّمَ.
وَإِنْ أَسْلَمَا وَكَانَ الْعَقْدُ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ بِلَا شُهُودٍ، أَوْ فِي عِدَّةٍ قَدِ انْقَضَتْ، أَوْ عَلَى أُخْتٍ وَقَدْ مَاتَتْ، أُقِرَّا عَلَيْهِ لِعَدَمِ مُقَارَنَةِ الْمُفْسِدِ لِلْإِسْلَامِ، وَحُكْمُ حَالَةِ التَّرَافُعِ إِلَى الْحَاكِمِ حُكْمُ حَالَةِ الْإِسْلَامِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.
قَالَ مُهَنَّا: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ يَهُودِيٍّ، أَوْ نَصْرَانِيٍّ، أَوْ مَجُوسِيٍّ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ شُهُودٍ؟ قَالَ: هُوَ كَذَلِكَ، يُقَرُّونَ عَلَى مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ.