فَصْلٌ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّاتِ الْمُتَمَسِّكَاتِ بِغَيْرِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ
١٥٦ - فَصْلٌ
نِكَاحُ الْكِتَابِيَّاتِ الْمُتَمَسِّكَاتِ بِغَيْرِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ .
قَالَ الْقَاضِي: وَمَنْ كَانَ مُتَمَسِّكًا بِغَيْرِ التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ كَزَبُورِ دَاوُدَ وَصُحُفِ شِيثَ وَإِبْرَاهِيمَ، هَلْ يُقَرُّونَ عَلَى ذَلِكَ؟ وَهَلْ تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يُقَرُّونَ وَيُنَاكَحُونَ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ نِكَاحِ الْمَجُوسِ، فَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي إِلَّا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَأَطْلَقَ الْقَوْلَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلَمْ يَخُصَّ أَهْلَ الْكِتَابَيْنِ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} البقرة: ٢٢١ ، مُشْرِكَاتِ الْعَرَبِ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ، فَفَسَّرَ الْآيَةَ عَلَى عَبَدَةِ الْأَصْنَامِ.
وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ مَا عَدَا عَبْدَةَ الْأَوْثَانِ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْ نِكَاحِهِنَّ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَجُوزُ مُنَاكَحَتُهُمْ، وَلَا يُقَرُّونَ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.
وَجْهُ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} المائدة: ٥ ، وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ كِتَابٍ وَلِأَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ بِكِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ أَشْبَهَ أَهْلَ