فَصْلٌ مَنْ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ
١٣ - فَصْلٌ
مَنْ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ
وَلَا جِزْيَةَ عَلَى شَيْخٍ فَانٍ وَلَا زَمِنٍ وَلَا أَعْمَى وَلَا مَرِيضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ بَلْ قَدْ أُيِسَ مِنْ صِحَّتِهِ وَإِنْ كَانُوا مُوسِرِينَ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ ; لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَقْتُلُونَ وَلَا يُقَاتِلُونَ، فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ كَالنِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ: تَجِبُ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أُجْرَةُ السُّكْنَى وَأَنَّهُمْ رِجَالٌ بَالِغُونَ مُوسِرُونَ، فَلَا يُقِيمُونَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ، وَحَدِيثُ مَعَاذٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِعُمُومِهِ، وَحَدِيثُ عُمَرَ يَتَنَاوَلُهُ بِعُمُومِهِ أَيْضًا فَإِنَّهُ أَمَرَ أَنْ تُضْرَبَ عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي، وَإِنَّ الْجِزْيَةَ إِنْ كَانَتْ أُجْرَةً عَنْ سُكْنَى الدَّارِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَتْ عُقُوبَةً عَلَى الْكُفْرِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ: لَا يُقَرُّونَ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ.
وَأَصْحَابُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَقُولُونَ: لَمَّا لَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ جِزْيَةٌ كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: مَنْ أَطْبَقَ بَابَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يُقَاتِلْ لَمْ يُقْتَلْ وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ.
فَصْلٌ رُهْبَانُ أَهْلِ الذِّمَّةِ
١٤ - فَصْلٌ
رُهْبَانُ أَهْلِ الذِّمَّةِ
فَأَمَّا الرُّهْبَانُ فَإِنْ خَالَطُوا النَّاسَ فِي مَسَاكِنِهِمْ وَمَعَايِشِهِمْ فَعَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ