عيسى بن عبد الله بن مالك، عن محمد بن عَمرو بن عطاء أَحَد بني مالك، عن عباس أو عياش بن سهل الساعدي: أنه كان في مجلسٍ فيه أبوه، وفي المجلس أبو هريرة، وأبو حُميد، وأبو أسَيد ... بهذا الخبر يزيد وينقص (١).
فهذا الذي غرَّ من قال: إن محمد بن عَمرو لم يسمعه من أبي حُميد، وهذا ــ والله أعلم ــ من تخليط عيسى أو من دونَه؛ لأن محمدًا قد صرَّح بأنّ أبا حُميد حدَّثه وسمعه منه, ورآه حين حَدَّث به, فكيف يُدْخِل بينه وبينه عبَّاس بن سهل؟
وإنما وقع هذا لمّا رواه محمد بن عَمرو عن أبي حُميد، ورواه العبَّاس ابن سهل عن أبي حُميد، فخلّط بعضُ الرواة، وقال: عن محمد بن عَمرو عن العباس، وكان ينبغي أن يقول: وعن العباس بالواو، ولعلها سقطت من النسخة فرواه بإسقاطها.
ويدلّ على هذا أيضًا: أنّ عيسى بن عبد الله قد سمعه من عبَّاس, كما في رواية ابن المبارك، فكيف يشافهه به عبَّاس مشافهةً ثم يرويه عن محمد ابن عَمرو عنه؟ فهذا كله يبيّن أنّ محمد بن عَمرو وعبَّاس بن سهل اشتركا في روايته عن أبي حُميد، فصحّ الحديثُ بحمد الله.
وحَكَم الدليلُ الذي لا ريب في حكمه لمن صحّحه وأدخله في «صحيحه» على مَن ضعّفه وقدح فيه. وظهر أن العلة التي رُمي بها مما تدلُّ على قوَّته، وأنه محفوظ, وأن رواية عبَّاس بن سهل شاهدةٌ ومُصدِّقة لرواية
(١) «السنن»: (١/ ٤٧١ - ٤٧٢).