الذي قلنا ليس من جهتنا، وإنما نحن مبلغون عن الله تعالى فالله تعالى قادر على ما تستبعدين.
لما علم إبراهيم أن أضيافه ملائكة قال: فما شأنكم؟ وما الذي أحوجكم إلى أن نزلتم؟
{قالُوا إِنّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ} إلى قوم لوط.
{لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (٣٤) فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦) وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٣٧) وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨) فَتَوَلّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٣٩) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (٤٠) وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١)}
{حِجارَةً مِنْ طِينٍ} السجين: طين يطبخ كالآجر، ويصير في صلابة الحجر. {مُسَوَّمَةً} معلمة بعلامة تعرف بها من السومة وهي العلامة؛ على كل واحدة اسم من يهلك بها.
وقيل: أعلمت بأنها من حجارة العذاب. وقيل: بعلامة تدل على أنها ليست من حجارة الدنيا.
سماهم مسرفين لتجاوزهم ما قدر لهم في الأحكام. {فَما وَجَدْنا فِيها} أي: في القرية، ولم يجر لها ذكر، وفي ذلك دليل على أن الإيمان والإسلام (٢٧٦ /ب) واحد، وأنهما صفتا مدح.
قيل: البيت الذي من المسلمين هم لوط وابنتاه. وقيل: كان الذين نجوا ثلاثة عشر. قال قتادة: لو كان فيها أكثر لنجوا؛ ليعلم أن وصف الإيمان غير مضيع عند الله (١). {وَتَرَكْنا فِيها آيَةً} أي: علامة يتعظ بها الخائفون من الله ومن عذابه.
قيل: هي صخر منضود فيها. وقيل: ماء أسود منتن. {وَفِي مُوسى} عطف على قوله:
{وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ} أو على قوله: {وَتَرَكْنا فِيها آيَةً} والمعنى: في موسى آية كقوله من الرجز:
علفتها تبنا وماء باردا ... ... (٢)
(١) رواه الطبري في تفسيره (١٧/ ٢)، وزاد نسبته السيوطي في الدر المنثور (٧/ ٦٢٠) لابن المنذر.
(٢) هذا صدر بيت وعجزه:
حتى شتت همالة عيناها ويروي: حتى غدت همالة عيناها.
ينظر في: الأشباه والنظائر للسيوطي (٢/ ١٠٨)، الخصائص لابن جني (٢/ ٤٣١)، شرح الأشموني (١/ ٢٢٦)، شرح شذور الذهب (ص: ٣١٢)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٤٠٣)، لسان العرب (علف)، مغني اللبيب (٢/ ٦٣٢)، المقاصد النحوية (٣/ ١٠١)، همع الهوامع (٣/ ١٥٩).