{تَمُورُ} تضطرب وتذهب وتجيء، وقال ابن فارس (١) في المجمل: غلب الخوض في الاشتغال بالباطل والكذب، ومنه: {وَكُنّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ} (٢) {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا} (٣). الدع: الدفع العنيف.
{يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هذِهِ النّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ (١٥) اِصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٦) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (١٨)}
{يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} وذك أن خزنة جهنم يغلون أعناق المعذبين ويجمعونها إلى أيديهم، ويدفعون إلى النار دفعا، أو يقال لهم هلموا إلى النار مدعوعين؛ يقال لهم:
{هذِهِ النّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ} {أَفَسِحْرٌ هذا} أي: ما رأيتموه من التهويل لجهنم هو أيضا سحر؟ ودخلت الفاء لهذا المعنى. {أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ} كما كنتم في الدنيا مبعدين عن فهم هذه الأمثال، و {هذِهِ} تهكم وتقريع.
{سَواءٌ} مبتدأ، وخبره محذوف، والتقدير: سواء عليكم الصبر وعدمه، وتعليله بقوله:
{إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} لأن الصبر إنما يطلب لما يترتب عليه من الجزاء، ولا يكون كقول الشاعر من الكامل:
(١) هو الإمام العلامة اللغوي المحدث أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب القزويني المعروف بالرازي المالكي اللغوي نزيل همذان وصاحب كتاب المجمل كان رأسا في الأدب بصيرا بفقه مالك مناظرا متكلما على طريقة أهل الحق ومذهبه في النحو على طريقة الكوفيين جمع إتقان العلم إلى ظرف أهل الكتابة والشعر. وله مصنفات ورسائل وتخرج به أئمة وكان من رؤوس أهل السنة المجردين على مذهب أهل الحديث. ومات بالري في صفر سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. تنظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء للذهبي (١٧/ ١٠٣)، وينظر قوله في: الكشاف للزمخشري (٤/ ٤٠٩)، لسان العرب (خوض)، وجاء في معجم المقاييس لابن فارس (٢/ ١٧٣) مادة (خوض) قال: "الخاء والواو والضاد أصل واحد يدلّ على توسّط شيء ودخول. يقال: خضت الماء وغيره. وتخاوضوا في الحديث والأمر، أي تفاوضوا وتداخل كلامهم".
(٢) سورة المدثر، الآية (٤٢).
(٣) سورة التوبة، الآية (١٩).