النار كلما وضع يده عليها ذابت، فإذا رفعها عادت، وإذا وضع رجله ذابت، وإذا رفعها عادت" (١).وعنه: "الصعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوي كذلك فيه أبدا" (٢).
{إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠)}
{إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} تعليل للوعيد كأن الله عاجله بالفقر بعد الغنى في الدنيا، وأعد له في الآخرة عذابا عظيما لطغيانه وتكذيبه وقوله في القرآن: {إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ} ويجوز أن يكون كلمة الردع متبوعة لقوله: {سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً} ردا لزعمه أن الجنة لم تخلق إلا له، وإخبارا بأنه من أشد أهل النار عذابا ويكون قوله: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} بدلا من قوله: {إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً} ومعناه: إنه فكر ماذا يقول في القرآن وقدر في نفسه ما يقول. {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} تعجيب من تقديره وإصابته فيه المخزومية الغرض الذي كان تنتحيه قريش، أو ثناء عليه على سبيل الاستهزاء وهو حكاية لما كرره من قولهم: {قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} تهكما بهم وبإعجابهم بتقديره.
ومعنى قول القائل: قاتل الله فلانا ما أشجعه. أنه وصل إلى حد يحق فيه أن يقال:
قاتله الله.
روي أن الوليد قال لبني مخزوم: والله لقد (٣٢٠ /ب) سمعت من محمد كلاما ما هو بشعر ولا كهانة ولا من كلام الجن ولا الإنس، وإن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يعلى عليه. فقالت قريش: صبأ والله الوليد، والله لتصبون قريش كلها، فقال أبو جهل: أنا أكفيكموه. فقعد إليه حزينا فقام فأتاهم فقال:
أتزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق؟ وتزعمون أنه شاعر فهل رأيتموه يتعاطى شعرا؟ وتزعمون أنه كذاب فهل رأيتم عليه كذبا؟ فأجابوه بقولهم: اللهم لا. في كل فعل ذكره، ثم قالوا: فما تقول؟ ففكر ثم قال: ما هو إلا سحر يؤثر؛ أما رأيتموه يفرق بين المرء وزوجه وولده وأهله؟! وما الذي يقوله إلا سحر يأثره عن مسيلمة وعن أهل بابل، فارتج النادي فرحا، وتفرقوا متعجبين من قوله " (٣).
(١) نسبه الزيلعي في تخريج الكشاف للزمخشري (٤/ ١٢٠)، والحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف للزمخشري (ص: ١٧٩) للبزار والطبراني في الأوسط والبيهقي في البعث والنشور والطبري وابن أبي حاتم.
(٢) رواه أحمد في المسند (٣/ ٧٥)، والترمذي رقم (٢٥٧٦)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٥٠٧)، وقال الترمذي: غريب وفي سنده ابن لهيعة، وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الترمذي رقم (٤٧٣).
(٣) رواه الحاكم في المستدرك (٢/ ٥٠٦)، والواحدي في أسباب النزول (ص: ٤٦٨) رقم (٨٤٢)، -